أيها الإخوة: أول ما يحتاج الإنسان في معالجته الاستعانة بمولاه على هذا الأمر، من هو مولانا الذي نستعين به على الشدائد وعلى الأهواء التي نكابدها ونلاقيها؟ إنه الله عز وجل، ولذلك -أيها الإخوة- كان لا بد من فتح الطريق مباشرةً بين العبد وبين ربه في استعانته بمولاه على هذا الهوى الذي يصيبه، ومن ضمن الأشياء التي يشتمل عليها هذا المنهج في الاتصال بين العبد وربه الدعاء؛ فإنه من أنفع الأمور التي تنفع العبد في التغلب على الهوى، ولذلك كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم كما روى الترمذي والطبراني والحاكم عن زيد بن علاقة رضي الله عنه وهو حديث صحيح وهو في صحيح الجامع، كان من دعائه عليه السلام: (اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق، والأعمال، والأهواء، والأدواء) فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أسلم شيطانه، فسلم من شره، ولم يعد أحدٌ يوسوس إليه بالشر، وهو المعصوم صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ من الأهواء، فما بالنا نحن الضعفاء الذين لا يقارن حالنا بحال رسولنا صلى الله عليه وسلم.
وربط القلب بالله عز وجل خوفاً وطمعاً، ورهبةً ورغبةً، والوقوف بين يدي الله تعالى من أكبر الأشياء التي تنفع في مقاومة الهوى، والدليل على ذلك قال الله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات:40 - 41] قال مجاهد: هو العبد يهوى المعصية، فيذكر مقام ربه عليه في الدنيا ومقامه بين يديه في الآخرة، فيتركها لله: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات:40 - 41].
إذاً من أين أتى نهي النفس عن الهوى؟ كيف حصل للإنسان أن ينهى نفسه عن الهوى؟ حصل له هذا الشيء بالخوف من الله عز وجل، لأن الله قال: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات:40 - 41] ولذلك كان نهي النفس عن الهوى هي نقطة الارتكاز في دائرة الطاعة، فالهوى هو الدافع القوي لكل طغيان، وكل تجاوز، وكل معصية، وهو سبب البلوى، وينبوع الشر، وقلَّ أن يؤتى الإنسان إلا من قبل الهوى.