وكذلك أيها الإخوة! لو أن إنساناً كان يعمل الحسنات، ثم عمل السيئات، بقدر تلك الحسنات أو أكثر، فمحيت تلك الحسنات بهذه السيئات -سقطت تلك الحسنات- فهل إذا تاب إلى الله عز وجل بعد ذلك تعود إليه حسناته أم لا؟ يجيبك على ذلك هذا الحديث الصحيح الذي يرويه حكيم بن حزام أنه قال: (يا رسول الله! أرأيت عتاقة أعتقتها في الجاهيلة - هو أعتق عبداً في الجاهلية وهو كافر- وصدقة تصدقت بها في الجاهلية -وهو كافر- وصلة وصلت بها رحمي في الجاهلية، فهل لي فيها من أجر؟ -بعد أن أسلم الآن والتزم شرع الله، فهل تعود إليه تلك الحسنات؟ - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسلمت على ما أسلفت من خير) أي: كان إسلامك على ما أسلفت من خير، أي: أعمالك الصالحة السابقة إذا تبت إلى الله وعدت وأسلمت تحسب لك من جديد.
يقول ابن القيم رحمه الله في تعليل هذا: وذلك لأن الإساءة المتخللة بين الطاعتين قد ارتفعت بالتوبة، وصارت كأنها لم تكن، فتلاقت الطاعتان التي قبل التوبة والتي بعد التوبة، فاجتمعتا.
وهذا من رحمة الله أيها الإخوة! إذا تبت إلى الله تعود إليك الحسنات التي محيت بسبب السيئات.
وكذلك لابد في التوبة من إرجاع الحقوق إلى الآدميين، ولعلنا نسرد فصلاً بهذا في المستقبل إن شاء الله.