وقال الله في المنافقين: {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ} [التوبة:95] أي: خبثاء أنجاس البواطن والمعتقدات، وقال الله عز وجل: {وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ} [التوبة:125].
لقد كان هذا الشعور عند المسلم في العصر الأول شعوراً متأصلاً؛ فعندما قدم أبو سفيان رضي الله عنه قبل أن يسلم إلى المدينة يريد أن يجدد عهد الحديبية، دخل على ابنته أم حبيبة، وهي رملة بنت أبي سفيان زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فلما ذهب أبوها ليجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عندها، طوته عنه، فقال: يا بنية! ما أدري أرغبت بي عن هذا الفراش، أم رغبت به عني؟ يقول: هل أنا أقل من الفراش فطويتيه عني، أم الفراش أقل من مستواي فطويتيه عني؟ قالت: بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت رجل مشرك نجس، ولا أحب أن تجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، تقول لأبيها: أنت رجل مشرك نجس، هكذا كان شعورهم، ومن كان هذا شعوره أنى له أن يقلد الكافر أو يحبه ويتأثر به؟! ولكن انظر إلى الناس الآن ماذا يفعلون، لأنهم لا يشعرون أن الكفار نجس، ولذلك يحبونهم ويقلدونهم، وقصة رملة عند ابن إسحاق بإسناد حسن.