الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وبعد: فإن من القصص العظيمة التي تُذكر لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في عهده عليه الصلاة والسلام قصة تلك الزوجة الوفية المخلصة النقية التي دافعت عن زوجها، وكانت تقية: خديجة بنت خويلد رضي الله تعالى عنها التي يجهل سيرتها الكثيرون، ولا يقدرها حق قدرها إلا من عرف حياتها واطلع على سيرتها، وهاكم -أيها الإخوة- بعض الأحاديث الصحيحة في فضل هذه المرأة وشأنها؛ لتكون نبراساً للنساء والرجال.
عن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (خير نسائها مريم، وخير نسائها خديجة).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما غرت على امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة، هلكت قبل أن يتزوجني لما كنت أسمعه يذكرها، وأمره الله أن يبشرها ببيت من قصب، وإن كان ليذبح الشاة فيهدي في خلائلها -في أصدقاء خديجة- فيرسل قطعة من الشاة لهذه وقطعة لهذه، يرسل إليهن ما يسعهن).
وعنها رضي الله عنها قالت: (ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة من كثرة ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها، وتزوجني بعدها بثلاث سنين، وأمره ربه عز وجل أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب).
وعنها رضي الله عنها قالت: (ما غرت على أحدٍ من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة، وما رأيتها ولم أدركها، ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء، ثم يبعثها إلى صدائق خديجة، فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة، فيقول: إنها كانت وكانت وكان لي منها ولد).
وعن إسماعيل، قال: قلت لـ عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما: (هل بشر النبي صلى الله عليه وسلم خديجة؟ قال: نعم، ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: (أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (استأذنت هالة بنت خويلد -أخت خديجة - على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرف استئذان خديجة فارتاع لذلك، فقال: اللهم هالة، قالت: فغرت، فقلت: ما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين هلكت في الدهر، قد أبدلك الله خيراً منها).