أمانة أخرى من الأمانات ألا وهي: أمانة العبادة، عبادة الله سبحانه وتعالى الصلاة الزكاة الصيام الحج قراءة القرآن النوافل قيام الليل ذكر الله الدعاء تذكر الموت: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ} [الحديد:18] أمانة معرفة كيفية الصلاة لكي تصلين، صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه نابعة من أمانة العلم، صفة ما هي الأموال التي يجب فيها الزكاة وكم نسبة الزكاة، ومازالت زكاة الحلي قضية غير واضحة في أذهان كثير من النساء حتى الآن، فضلاً عن زكاة بعض الأموال التي أسلفناها قبل قليل.
تعبدين الله بالصلاة والصيام، فلابد لك من معرفة أحكام الحيض والنفاس والاستحاضة الصفرة الكدرة الطهر تقطع الحيض اتصاله زيادته نقصانه آثار استخدام الحبوب واللولب أشياء متعلقة بالعبادات، فهذه أمانة.
وكثير من النساء تفرط في هذه الأحكام، ولا تدري أين هي موجودة وموضوعة، وحتى بعض النساء اللاتي فيهن نوع من الدين والخير.
والآن نحن في صيام الست من شوال، ما حكم صيام الست بغير إذن الزوج؟ إذا طهرت الحائض في النهار ماذا يلزمها في الليل؟ عندها مال للحج ويوجد محرم فما حكم الإنابة في الحج؟ إذا حاضت المرأة وهي تريد الإحرام ماذا تفعل؟ هل جدة ميقات للمرأة التي تذهب من هنا؟ وكيف تلبي المرأة؟ ما هي محظورات الإحرام؟ كيف تقصر شعرها في الحج والعمرة؟ العبادات أمانة ومسئولية، فمن من النساء اللاتي تعلم كيف تعبد الله؟ نسأل الله أن يكثرهن، ونحن على يقين أنه يوجد من الصالحات العابدات القانتات العالمات من تعرف كيف تعبد الله، لكننا نسأل الله أن يكثر هذا العدد وأن يزيل الجهل، ونسأل الله أن يفقه نساءنا في أمور الدين، وأن يصرفهن إلى العبادة، ويحبب العبادة إليهن.
قال عبد الله بن الزبير: [ما رأيت امرأتين قط أجود من عائشة وأسماء، أما عائشة فكانت تجمع الشيء، حتى إذا اجتمع عندها قسمته، وأما أسماء فكانت لا تمسك شيئاً لغد، وكانت تسرد الصيام سرداً].
قال عروة: [كنت إذا عدوت أبدأ ببيت عائشة رضي الله عنها فأسلم عليها، فغدوت يوماً فإذا هي قائمة تسبح وتقرأ: {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور:27] وتدعو وتبكي وترددها، فقمت حتى مللت القيام، فذهبت إلى السوق لحاجتي ثم رجعت، فإذا هي قائمة كما هي تصلي وتبكي].
ولما بُعث إلى عائشة بمائة ألف درهم قسمتها، قالت بريرة: أنت صائمة، فهلا ابتعت لنا بدرهم لحماً؟ قالت: لو ذكرتني لفعلت.
قالت: يا جارية! هاتي فطوراً -لما جاء وقت الإفطار- فجاءتها بخبز وزيت.
أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها كانت تصنع وتعمل بيدها وتتصدق في سبيل الله (أسرعكن لحوقاً بي أطولكن يد) كانت زينب تعمل وتتصدق، دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد فإذا حبل ممدود -اجتهاد من زينب - فقال: (حلوه، ليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليقعد) زينب أم المساكين، صالحة صوامة قوامة بارة زاهدة حميدة متعبدة، مفزع اليتامى والأرامل.
هؤلاء النساء الصالحات اللاتي يتواضعن لله فيذكرن ذنوبهن وما أقل ذنوبهن! ونساؤنا اليوم مع كثرة الذنوب يتذكرن الأعمال الصالحة فقط.
هنا عندنا نساء ولله الحمد فيهن خير كثير في المجتمع، يصلحن قدوات، يجمعن صدقات، ويرتبن مرتبات للعوائل، يتفقدن الأرامل والأيتام والأسر الفقيرة، يتصدقن من حليهن.
الرسول صلى الله عليه وسلم لما دعا النساء إلى الصدقة صرن يلقين من الحلي والأقراط، ويوجد -ولله الحمد- نساء لو قلنا في المسجد: ألقوا ما أنتم ملقون، لألقوا من الحلي والأقراط اقتداء بالنساء الأول.
كان الحسن بن صالح يقوم الليل هو وجاريته، فباع جاريته لقوم، فلما صلت العشاء افتتحت الصلاة فما زالت تصلي إلى الفجر، وكانت تقول لأهل الدار كل ساعة تمضي من الليل: يا أهل الدار! قوموا.
يا أهل الدار! صلوا.
فقالوا لها: نحن لا نقوم إلا الفجر، فجاءت إلى الحسن فقالت: بعتني لقوم ينامون الليل كله، أخاف أن أكسل من نومهم، فردها الحسن إليه رحمه الله.
كانت عجردة العمِّية تغشانا فتضل عندنا اليوم واليومين، فكانت إذا جاء الليل لبست ثيابها وتقنعت ثم قامت إلى المحراب، فلا زالت تصلي إلى السحر، يقول لها أهل الدار: لو نمت من الليل شيئاً؟ فتبكي وتقول: ذكر الموت لا يدعني أنام.
قال الهيثم بن جماز: كانت لي امرأة لا تنام الليل وكنت لا أصبر معها على السهر، فكنت إذا نعست ترش علي الماء في أثقل ما أكون من النوم، وتنبهني برجلها وتقول: أما تستحي من الله؟ إلى كم هذا الغطيط؟ فوالله إني لأستحي مما تصنع.
نحن الآن لا نطالب النساء أن يقمن كل الليل، لا والله! ولا أن يقمن كل النهار، لكن تضييع قراءة القرآن، والصيام، والسنن والنوافل فلا يعبدن الله إلا في رمضان وغيره من الأيام، منصرفات عن العبادات، أين أمانة العبادة في القيام بها أو بفقهها ومعرفة ما تنطوي عليه من الأحكام؟