ولا تعجب يا عبد الله! من هلاك مال العاصي؛ لأن هناك ملائكة تدعو عليه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من يومٍ يصبح العباد فيه إلا وملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً) رواه البخاري، قال ابن حجر رحمه الله: وأما الدعاء بالتلف فيحتمل تلف ذلك المال بعينه، وقد يكون بمحق بركة المال، كما قال تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا} [البقرة:276] إما بأن يذهبه بالكلية من يد صاحبه، تذهبه النفقات والفواتير والأمراض وغير ذلك؛ من وجوهٍ تنفتح على صاحب الربا، تمتص ماله وتذهبه، وهذا ذهاب عين المال، وأما ذهاب البركة فلا يحس له بفائدة، ولا يطعم منه خيراً، إن هذا المعنى موجودٌ في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أحدٌ أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى قِلة أو إلى قُلٍ) رواه ابن ماجة وهو حديثٌ حسن، ولذلك فإن هؤلاء الباعة الذين يغشون ويدلسون ويخفون عيوب السلع، وينزعون الملصقات المكتوب عليها بلدان التصنيع الحقيقية، ويضعون ملصقاتٍ أخرى لبلدان تصنيع وهمية، ونحو ذلك من أنواع الغش الذي يمارسونه في السوق، حتى قلما تجد صندوق خضرة أو فاكهة إلا ووجدت الرديء في أسلفه مغطىً بطبقةٍ جيدة فوقها، غش متكاثر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في هؤلاء الباعة: (البيَّعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيَّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما).
ولذلك تجد كثيراً من هؤلاء الباعة بركة كسبهم ممحوقة، لا يستمتعون بمال، فإذا حلفوا على الكذب (فإن الحلف منفقةٌ للسلعة ممحقةٌ للبركة) كما روى البخاري رضي الله عنه في صحيحه