الحمد لله رب العالمين، هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وذريته الطيبين الطاهرين، وعلى أصحابه وأنصاره والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
عباد الله! إن التعود على السب والشتم عادة قبيحة جداً، وقد توقع -والعياذ بالله- في الكفر، كما إذا سب الله تعالى أو النبي صلى الله عليه وسلم أو الملائكة، ومن السب ما يحكم بكفر صاحبه، ومنه ما يوجب الحد كما إذا قذف بالزنا، ولو قال: أنت أزنى من فلان فعليه حدان، لأنه قذف رجلين، وبعض ذلك يقتضي التعزير، وقد اتفق الفقهاء على أن من سب ملة الإسلام أو دين المسلمين يكون كافراً.
وكذلك نهى الشارع عن سب الدهر، فقال: (لا تسبوا الدهر) لأن سب الدهر يعود على خالق الدهر، وهو الله تعالى، إذ أن الدهر لا ذنب له، وتأمل في سب الناس اليوم للساعة والأيام والسنين.
وأما سب الأموات بغير مصلحة شرعية، فمنهيٌ عنه، وهو يفضي إلى إيذاء الأحياء، وأما أقوال العلماء في السب في هذه الألفاظ المنتشرة، فإن بعض أهل العلم قد ذكروا أنه إذا سبه سباً لا يصل إلى القذف بالزنا، فإنه يعزر بالجلدات المناسبة، أو ما يراه القاضي لدرء ذلك.
وذكر العلماء -رحمهم الله- في كتبهم أمثله لمن سب شخصاً بألفاظ مقذعة، أو قال: يا فاسق، أو يا فاجر، أو يا ديوث ونحو ذلك، فإنه يعزر تعزيراً رادعاً ينهاه وينهى أمثاله.
وكذلك إذا شتمه ببعض أسماء البهائم، فإن بعض أهل العلم قد ذكروا -أيضاً- أنه يعزر في ذلك، وأما النطق بألفاظ الخنا على الملأ مما يستبشع، فإنه يسقط مروءة الإنسان، حتى قال بعضهم: لا تقبل شهادته، قال ابن الهمام رحمه الله: "إظهار الشتيمة مجون وسفه، ولا يأتي به إلا أوضاع وأسقاط".