وذهب بعض المؤرخين إلى أنه قد حصلت مؤاخاة في مكة بين بعض المكيين، وقد أخرج الحاكم وابن عبد البر بسند حسن عن ابن عباس أنه قال: (آخا النبي صلى الله عليه وسلم بين الزبير وابن مسعود) ولكن ذهب ابن القيم وابن كثير إلى عدم وقوع المؤاخاة بـ مكة، وأن المؤاخاة ما كانت إلا في المدينة، وكذلك هو رأي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الذي نفى وقوع المؤاخاة بين المهاجرين في مكة، وخصوصاً ما روج من بعض الأخبار في المؤاخاة بين النبي عليه الصلاة والسلام وعلي، ولأن المؤاخاة إنما كانت لإرفاق بعضهم بعضاً، وتأليف قلوب بعضهم على بعض، فلا معنى لمؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم لأحد، ولا لمؤاخاة مهاجري مع مهاجري.
وابن حجر رحمه الله ذهب إلى أن النص إذا جاء فإنه لابد من الأخذ به، وأن هناك حكمة أخرى للمؤاخاة وهي: أن بعض المهاجرين كان أفضل من بعض بالمال والعشيرة والقوة، فآخا بين الأعلى والأدنى من المهاجرين أنفسهم، حتى يرفق الأعلى بالأدنى، ويستعين الأدنى بالأعلى، فآخا بين حمزة وزيد بن حارثة؛ لأن زيداً مولاهم، وإن كان هناك مؤاخاة في مكة فهي شيء يسير، ولو كان هناك في المدينة مؤاخاة بين بعض المهاجرين، فهي حالات خاصة من مهاجر عنده إمكانات.