الحمد لله كثيراً، والله أكبر كبيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً.
الحمد لله على آلائه ونعمائه، والشكر له على سرائه وعطائه، والصبر له على ما قدر وقضى من بلائه، له الحمد جل وعلا كما يحب ويرضى.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، أحمده سبحانه وتعالى كما يليق بجلاله وعظيم سلطانه.
وأشهد أن نبيه ورسوله المصطفى ونبيه المجتبى صلى الله عليه وسلم قد بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الغمة، وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فجزاه الله خير ما جازى نبياً عن أمته، وصلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
أما بعد: معاشر المؤمنين! إن الله جل وعلا نبهنا أن نذكر نعمته فقال: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ} [آل عمران:103]، ألم نر ماء الوصل يجري بين القلوب؟ ألم نر روح المحبة تسود بين الأقارب والأحباب؟ ألم نر تلك النعمة العظمى التي قال الله عز وجل عنها: {اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ} [المائدة:11] فاذكروها ذكراً عملياً كل ذلك تذكير بنعم الله عز وجل.
وينبغي لنا الحذر ألا نكون كحال من قال الله عنهم: {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا} [الإسراء:83]، أو كحال الذين بدلوا نعمة الله كفراً! وما ذكره الحق جل وعلا في ذلك عظيم جليل يحتاج منا إلى مثل هذا التدبر والتأمل؛ حتى نكون ظاهراً وباطناً على ما يحب الله سبحانه وتعالى ويرضى.
إن هذه النعم الكثيرة التي قد فاضت وزادت وعظمت في شهرنا الذي مضى تستدعي منا أن نستنظر رحمة الله، وأن نستجلب نعم الله بفيض ذلك الذي كان في هذا الشهر الكريم.