عندما يحرم الحاج فهو مخير بين أنواع من النسك في أداء فريضة الحج، هذه هي الأنواع الثلاثة المشهورة: النوع الأول: التمتع: وهو أن يحرم بالعمرة وحدها في أشهر الحج، ويؤدي عمرة كاملة، ويقول: لبيك عمرة، ثم يتحلل ويرجع حلالاً يلبس ثيابه، ويعاشر أهله؛ فإذا جاء يوم التروية أو اليوم التاسع أو اليوم السابع وأحرم بحج أصبحت عمرة وحجاً وبينهما تحلل وتمتع، وهذا يجب عليه الهدي في مقابل التمتع.
وبعض أهل العلم يقولون: هذا أفضل النسك للآفاقي الذي يأتي من خارج المواقيت؛ لأنه سيأتي في وقت مبكر، ولابد أن يحرم من الميقات، وإذا بقي على إحرامه يشق عليه، فقالوا: وهذا فعل النبي عليه الصلاة والسلام لما جاء مع أصحابه، قال: (من لم يسق الهدي فليجعلها عمرة، وليتحلل بها إلى الحج) فأحل من لم يكن ساق الهدي، وجاءوا بعمرة وتحللوا.
النوع الثاني: القران: وهو أن يقرن بالحج عمرة، أو يحرم بالحج والعمرة معاً، يقول: لبيك اللهم حجاً وعمرة، وليس بينهما تحلل، بل يعتمر ويبقى في الحج، والحقيقة أن صفة العمل في نسك القران لا يختلف عن نسك الإفراد إلا في أمرين: النية وسوق الهدي ووجوبه؛ لأن القارن الأصل أنه ساق الهدي معه، والناس الآن لا يسوقون الهدي، لكن الذي منع بعض الصحابة من أن يعتمروا ويحلوا في حجة الوداع مع النبي عليه الصلاة والسلام: أنهم ساقوا الهدي، قال: من ساق الهدي يبقى على ما هو عليه، ويبقى قارناً بين حجه وعمرته، ومن لم يسق الهدي يجعلها عمرة ثم يتحلل.
فبالنسبة للقران هو كالإفراد، ليس هناك اختلاف في الفعل؛ لكن في النية ووجوب الهدي.
النوع الثالث: الإفراد: وهو أن يحرم بالحج وحده في أشهر الحج، ويقول: لبيك اللهم حجاً، وليس عليه هدي، وإذا أراد أن يعتمر بعد الحج فلا بأس، باعتبار أنه جاء من سفر بعيد حج حج إفراد وليس عليه هدي، ثم أراد أن يعتمر فلا بأس، ويخرج إلى التنعيم ويحرم ويعتمر، وقد وقع ذلك لـ عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها لما حاضت ثم ولم يستطع أن تعتمر قبل الحج، فحجت ثم قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله! يرجع الناس بحج وعمرة وأرجع أنا بحج، فأمر النبي عليه السلام عبد الرحمن بن أبي بكر أخاها فخرج بها إلى التنعيم، فاعتمرت وطافت وسعت رضي الله عنها).
إذاً: هذه أنواع النسك الثلاثة.
نحن حتى الآن لم نذكر من أركان الحج إلا ركن واحد وهو الإحرام، وفصلنا فيه؛ لأنه المدخل، وسيأتينا أيضاً ما يتعلق بالمواقيت المكانية والزمانية، من أين يحرم؟ ومتى يحرم؟