أيها الإخوة الكرام! هذه مهاو أربع ذكرناها على سبيل الإيجاز، ولكنه إيجاز أحسب أنه نبه على الخطر، وكشف عن الضرر، وأوجب علينا جميعاً أن نقف في مواجهة هذا الخطر، وأننا جميعاً غير آمنين على أنفسنا وعلى أبنائنا منه، وإنه لابد من بذل كل جهد في هذا السبيل، وسأذكر الآن ثلاثة عناصر أساسية من الجمل الجامعة للمعالجة النافعة لهذه المشكلات وغيرها: الأول: التزكية: وهي التربية الإيمانية العبادية التي يرتبط فيها المسلم بالله عز وجل، يستحضر عظمته، ويستحي منه، يخاف عذابه ويرجو ثوابه، ويبكي بين يديه، ويتضرع إليه، ويتوكل عليه، فحينئذ تكون حاله على غير الحال التي يمكن أن تصرعه فيه هذه المشكلات أو تلك المهاوي.
الثاني: التربية، ونعني بها: تربية الوالدين وتربية المعلمين وتربية وسائل الإعلام، وأن تكون محببة ومرغبة في الخير، ومحذرة ومنفرة من الشر، وأن تؤسس الشباب والأبناء على أسس سليمة لا تفسد فطرهم، ولا تحرف سلوكهم، ولا تزيغ أهواءهم، ولا تضل عقولهم، كما تمارس أحياناً وسائل الإعلام، أو كما يقع في معاهد العلم والتعليم أو غير ذلك مما نعلمه.
الثالث: التوعية والتنبيه بمعرفة الأخطار وكشف الأضرار، والتحذير من الوسائل والسبل بأسلوب علمي دقيق، فإن القرآن الكريم قد بين جوانب الضرر، وبين جوانب مما قد يرى أن فيهما خيراً أو مصلحة، ورجح أن الأضرار إذا عظمت فإنها حينئذ لا يلتفت إلى تلك المنافع الموهومة أو المزعومة، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [البقرة:219] وهذا الإثم الكبير هو الذي جاء القرآن من بعد فقطع بالتحريم بشكل واضح، وقوله تعالى: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} [النحل:67] فبينت الآية الوجهين حتى يكون الناس على بصيرة من أمرهم، وكثيراً ما نخفي الحقائق أو لا ننبه على المخاطر فيقع الناس فريسة لها.