وها نحن اليوم نبدأ موسم الصيف، وما أدراك ما موسم الصيف؟! وكم من ملايين الملايين من الأوقات التي تُحسب في خانة الفراغات، والتي تُصنف فيما يعرف بالعطلة! وهي اسم في لفظه ومعناه واشتقاقه اللغوي مأخوذ من العطالة والعطل، وهو: الخلو من الزينة في أصل اللغة.
وهو هنا: خلو عن العمل الجاد، والانتفاع المثمر، والاستغلال الهادف للطاقات المختلفة المتنوعة كلها: من وقت ممتد، وعقل مفكر، وقوة وصحة، وعافية وفرص، وأبواب من الخير مشرقة.
ثم قد ينتهي الزمان وينقضي الصيف بأيامه وأسابيعه وأشهره وسعته التي ليس فيها كثير من العمل المطلوب المكلف به، وحينئذ تعود مرة أخرى التسويفات: إذا جاء الصيف سأفعل، وإذا كانت الإجازة سأنجز، وإذا تخليت عن بعض الأعباء والمهمات سأفرغ لغيرها، ويمر الإنسان بذلك دون أن يدرك أن الذي يضيعه إنما هو جزء حقيقي مهم من عمره وحياته، وأنه يبدد من رصيده ويفني من كنوزه ما قد يكون أقل القليل منه موضع ندامة وحسرة شديدة وأكيدة وعظيمة في وقت لا ينفع فيه الندم.
ولعلنا نذكر أمرين مهمين قبل حديثنا عن الصيف: