وانظر رعاك الله إلى ما هو أعظم في هذه الغنائم وأكثر وأهم، ومن هذه الغنائم -وهي الغنيمة الرابعة-: البشارة النورانية.
ففي حديث أنس رضي الله عنه -ويروى هذا الحديث عن ستة عشر من الصحابة بروايات مختلفة- عند أبي داود والترمذي وابن ماجة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة)، وما أعظم هذه البشارة بهذا النور في الوقت الذي تظلم فيه على الإنسان الظلمة الشديدة والكرب العصيب والهول العظيم، ويلتمس أهل النفاق النور فيضرب بينهم بسور قال الله تعالى عنه: {لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} [الحديد:13]، فيوم لا يختص بالنور إلا أهل الإيمان يأتي هذا الحديث بشارةً من النبي صلى الله عليه وسلم: (بشر المشائين في الظلم إلى المساجد) ومن هذه الظلم المشي إلى المساجد في صلاة الفجر، قال صلى الله عليه وسلم: (بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة)، إنه نور تام في يوم القيامة، والعبد أحوج ما يكون إلى النور الذي ينور له طريقه ويهديه بإذن الله عز وجل سبيله، ويجعله بإذنه سبحانه وتعالى من أهل الرحمة والمغفرة والرضوان.
فما أعظم هذه الغنيمة التي تأتي وتضيع على ذلك النائم وهو يغط في نومه ويعلو شخيره، وقد وقع به من الغفلة والركون إلى الدعة والراحة ما وقع، فهو أكثر خسارة من ذلك الذي فوت بعض أجر الدنيا أو بعض مالها أو بعض ذهبها وجواهرها، فجعل يعض أصابع الندم، فكم من نائم عن صلاة الفجر ولم يعبأ بها، ولم يكترث لها، ولم يحزن لعدم إتيانه بها، ولم يتندم على عدم صلاته إياها في وقتها! وكم يمر ببعض الناس يوم إثر يوم وهم لا يؤدون الصلاة في وقتها، بل ربما لا يؤدونها بالكلية إلا من رحم الله، نسأل الله عز وجل أن يعصمنا من أن نكون من أولئك الغافلين النائمين.