القضية ليست عبارة عن مقالات، أو عبارة عن تصريحات عابرة، وإنما هناك صور أخرى لها، وهي صورة الدراسة والتركيز والتحليل، وهذا استعراض يسير نرى فيه أن التخوف هو الخط الأول أو الإنذار المبكر الذي يبدأ يحفز النفوس إلى أن تنتقل إلى خطوات عملية، أولها وأهمها: خطوات الدراسة والتحليل، وهذه معلومات مركزة ومختصرة عن الدراسات حول الظاهرة الإسلامية من منطلق التخوف، منها: أولاً: عقد مركز الدراسات العربية المعاصرة بجامعة جورج تاون بواشنطن ندوة استمرت يومين عن النشاط الإسلامي.
ثانياً: عقدت جمعية دراسات الشرق الأوسط مؤتمرها السنوي العشرين والحادي والعشرين في مدينتي بوسطن وبلتيمور في نوفمبر سنة 1986م و1987م حول الظاهرة الإسلامية.
ثالثاً: تقاضى أحد الباحثين مبلغ خمسين ألف دولار من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية مقابل تنظيم مؤتمر عالمي عن الإسلام الأصولي.
رابعاً: عقدت وزارة الخارجية الأمريكية عام 1987م مؤتمراً حول الأصولية الإسلامية، ووجهات نظر على السياسة الأمريكية.
خامساً: عقد مؤتمر أوربي غربي لمناقشة قضية المد الإسلامي في منطقة الشرق الأوسط في نهاية شهر تشرين الثاني نوفمبر الماضي، مما يدل على أن القضية ذات طابع عملي ودراسة في هذا الباب.
ومن هنا يتنادى هؤلاء المذعورون أو المتخوفون إلى ضرورة استثمار الجانب العملي في هذا الباب، وفي خلاصة بعض هذه الدراسات: لابد من الاعتراف أن الحاجة ملحة لمزيد من المعلومات عن تكوين هذه الحركات وأعضائها، وتجدر الإشارة إلى أن التغيير مستمر في معظم الحركات، وكثير من هذه الدول تفرغ أجهزة متخصصة للرصد والتحليل والدراسة، فمثلاً: نشرت دراسة مطولة تعرض لها بالترجمة والتعليق اليسير الدكتور أحمد خلف الله في دراسته على الإسلام والكونغرس الأمريكي في مجلة المجتمع، وكذلك كتاب الأصولية في العالم الإسلامي أو في العالم العربي وهو أيضاً كتاب ناشئ فيه دراسة استقصائية تدلنا على أن موضوع البحث والجمع والتحليل هو أحد الظواهر التي تنبئ عن ظاهرة التخوف.
ونجد هناك كثيراً من الصور لهذا الجانب خاصةً في مسائل تبادل المعلومات، وبعد الاطلاع اليسير على ما ينشر من دراسات باللغة العربية، وهي باللغة الإنجليزية أكثر، وهكذا الدراسات المتعلقة بالمخابرات الأمريكية أو الإسرائيلية أو غير ذلك؛ نجد أن التخصص في هذا الجانب، والتركيز على تبادل المعلومات؛ أصبح قوياً ووطيداً، حتى إن بعض الدول الغربية عندما تعطي التأشيرات للدخول إذا جاءت طلبات من مسلمين أو عرب فإنها قبل إعطاء التأشيرات ترسل مباشرةً إلى إسرائيل لتأخذ بعض المعلومات إن كان هناك تحفظات، على اعتبار أن إسرائيل في نظر بعض الدول الغربية -وبالذات الدول الغربية التي ليس لها صلات أو دراسات في هذا الجانب- هي ملف المعلومات الأقوى والأوثق؛ بحيث توفر عليهم، أو تعطيهم التحذير المطلوب والمناسب بشكل يؤدي الحاجة التي يحتاجون إليها.
وأعتقد أن بعض الجهود البسيطة في هذا الشأن تعطينا مثالاً، ومن ذلك أحد مطبوعات الرابطة عن الصحوة الإسلامية في الصحافة الغربية، وإن كان بحثاً يسيراً أو قصيراً، لكنه يعطي ضوءاً، فضلاً عن أن تكون هناك البحوث التي تبين أو تحصر المؤتمرات والدراسات التي تصدر من أعدائنا لدراسة الظاهرة الإسلامية.