بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، نحمده سبحانه وتعالى على آلائه ونعمه التي لا تُعد ولا تُحصى، حمداً كما يحب ربنا ويرضى؛ فهو جل وعلا أهل الحمد والثناء، فله الحمد في الأولى والآخرة.
ونصلي ونسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيد الأولين والآخرين نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فإن العنوان لهذا اللقاء الذي نسأل الله سبحانه وتعالى أن يكتب لنا فيه التوفيق والسداد، وأن يكتب لنا منه الأجر والثواب، وأن يخرجنا منه بالنفع والفائدة هو: (التخوف من الإسلام القادم).
وبادئ ذي بدء نحب أن ندخل إلى الموضوع من خلال أهميته والحاجة إلى تسليط الضوء عليه، وذلك من مبدأ ظاهر وواضح وبين، وهو أن الخوف: رد فعل طبعي بالنسبة للإنسان، وهو في نفس الوقت يشكل أول مرحلة من مراحل المواجهة؛ ولذلك من كلام العرب أنهم يقولون: من خاف سلم، ومن خاف نجا؛ لأن هذا الخوف هو أول خط من خطوط الإنذار التي تبدأ تشحذ القوى الموجودة عند الإنسان، فيبدأ عند الشعور بالخطر بالدارسة والتحليل، ثم أيضاً يبدأ بشحذ القوى نحو التوقع والدراسات المستقبلية، ثم بعد ذلك يبدأ في وضع الخطوات العملية المكافئة والمناسبة.
فإن الإنسان إذا لم يكن يدرك الخطر، ولم يستشعر الضرر فإنه لا يكون عنده أي حافز ولا أي توجه للقيام بأية صورة عملية في أي ميدان من الميادين، ومن هنا تكمن أهمية التتبع أو الرصد لظاهرة التخوف من الإسلام؛ لأن هذا الرصد سيوقفنا على طبيعة النقاط والموضوعات المحددة والمعينة لهذا التخوف؛ لأننا في آخر الأمر سنرى أن هناك تخوفاً، لكنه إذا لم يُدرك فلن تُعرف القنوات والخطوط الأساسية الباعثة له، وإذا عرفنا هذا سنعلم أن هذه القنوات التي شكلت هذا التخوف هي المزايا التي ينبغي أن نحرص عليها.
وسيظهر لنا أيضاً من الدراسة لهذه الظاهرة الأمور الثانوية التي لا تشكل خطراً على الأعداء، فنعرف أنها لا تحتاج منا إلى جهد كبير، وسنرى أن بعضها ربما يحتاج إلى أن نلغيه من صفوفنا؛ لأننا نجده بعد دراسة هذه الظاهرة موضعاً لرغبة العدو المواجه لنا في أن يكرس هذه الجوانب التي لا يخشى منها.
ومن هنا أحب أن أقول في البداية: إن التخوف هو في حد ذاته أول خطوة نشأت عنها كثير من الخطوات، ومن هنا نحتاج أن نعرف الطريق من أوله، والسلسلة من بدايتها.