صور من قلة الحياء

وانظروا إلى صور أخرى نراها وكم هي عجيبة لم تكن ترى في مجتمعاتنا، فإذا أنت ترى شاباً وهو رافع صوت ذلك المسجل بالأغاني الغربية الماجنة إلى أقصى حد، وإذا به يطوف الشوارع ويجوب الطرقات يزدهي ويفتخر بدلاً من أن يخجل من هذا الأمر ويستتر، وذلك لانقلاب الموازين، فإذا قال له إنسان: قلل من هذا الصوت على أقل تقدير، فإنك واجد سيلاً من الشتائم ينبئ عن سوء الباطن، وقلة الحياء، وانعدام الأدب.

وربما تجد -وهذا من أعجب العجب- أن هناك من ينصره ويؤيده، ومن يدعو إلى الحفاظ على الحريات، وأن يكون لكل إنسان ما أراد! وكأنه ليس عندنا آيات قرآنية، ولا أحاديث نبوية، ولا عندنا شرع ودين، ولا حلال ولا حرام.

وانظر كذلك إلى صور أخرى أقذع وأفظع فيمن يجترئون على حدود الله، ويستهزئون بدين الله، فهذا يسطر مقالاً يتهكم فيه بالمتدينين وذاك يكتب قصيدة يهزأ فيها ويسخر -عياذاً بالله- من رب العالمين، وكل ذلك مبعثه وأساسه موت الحياء وانعدامه، وترى من يكتب إلى هذا اليوم بعد أن عقل الجهلاء وبعد أن عقل حتى المجانين، ويقول لنا: إن الطبيعة تخلق، وإن الطبيعة رقمت اللوحة الجميلة، وإن الطبيعة فعلت كيت وكيت وتمر كتابته في الأوساط ولا يتحرك لأجله أحد.

ومليئة هي الوسائل التي تصدح صباح مساء بكل رقيع من القول، وبكل اجتراء على دين الله عز وجل، وإنما هذا أيضاً هو من فقد الحياء، وصورة من صوره البغيضة النكدة التي استشرت في مجتمعات المسلمين نسأل الله السلامة.

وهذه الفظاعة التي أذكر تدرجها إنما هي بحسب تأثيرها وانتشارها، فكاتب الصحيفة تأثيره أكثر من هذا الشاب الذي يجوب الطرقات، فلا يسمعه ولا يراه إلا بضعة نفر، وهذه الصور إنما هي نماذج وإلا فإننا نجد أكثر من ذلك وأكثر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015