ومن الأحكام إذا غزي المسلمون في عقر دارهم: أنه يجب عليهم الجهاد لصد هذا العدو، كما ذكر العلماء قاطبة في أقوالهم سرداً وإقراراً للإجماع، ومن ذلك قول ابن عبد البر رحمه الله: والفرض في الجهاد ينقسم إلى قسمين: أحدهما: يتعين على كل أحد ممن يستطيع المدافعة والقتال وحمل السلاح من البالغين الأحرار؛ وذلك بأن يحل العدو بدار الإسلام محارباً لهم؛ فإذا كان ذلك وجب على جميع أهل تلك الديار أن ينفروا ويخرجوا إليه خفافاً وثقالاً، وشباباً وشيوخاً، ولا يتخلف أحد يقدر على الخروج من مقاتل أو مكثر.
وقال النووي رحمه الله: وإن دخلوا بلدة يتعين على أهلها -أي: الجهاد- وأما غير أهل تلك الناحية فمن كان منهم على دون مسافة القصر فهو كبعضهم، حتى إذا لم يكن في أهل البلدة كفاية وجب على هؤلاء أن يسيروا إليهم مع مراعاة قدرتهم على الدفع.
وكما قالوا في الاستشهاد بذلك بقول الله تبارك وتعالى في القرب والجوار: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ} [التوبة:120]، وكما في قوله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً} [التوبة:123].