أنتقل إلى ذكر كلمات محزنة مؤلمة منشورة في صحافتنا المحلية آنياً وقبل فترات مختلفة، وأذكر بأن لا ننسى ما قاله الأمريكان أصحاب البشرة البيضاء والعيون الزرقاء والشعور الشقراء.
يقول أحدهم في صحافتنا المحلية: علينا -إذاً- تحرير المرأة من كثير من القيود والعادات، وكثير منها ليس لها أصل شرعي.
وكثير من هؤلاء صاروا من مفتي الديار، وأحدهم ربما لا يحسن تلاوة آيتين أو ثلاث من القرآن.
ثم يقول: هل يجوز أن تبقى المرأة تابعة للرجل بعد أن حررها الإسلام من قيود الجاهلية، وأعطاها حق تطليق نفسها، وبذلك تكون العصمة في يدها؟ وهذا فقه حديث أظنه يضاف إلى ما سبق من فقه الأئمة الأربعة.
ويقول آخر: التوسع في مجالات عمل المرأة يقتضي تغيير القيم الاجتماعية البائدة التي تسيطر على بعض العقول، وتغيير هذا يستدعي المجابهة والمواجهة.
ويقول: إن الحساسية في التعامل مع المرأة في المجتمع السعودي لا يكون إلا بالمواجهة.
أحسب أن في مثل هذه الكلمات ما يدلنا على خلل في الفهم، وعلى شهوة في النفوس، وعلى أمور كثيرة يحتاج هؤلاء فيها إلى مراجعة أنفسهم، ونحن قد تعودنا أن لا نستخدم الصراخ ورفع الصوت؛ فإن القضايا تحكم بميزان الشرع، وينظر إليها العقلاء بما هي عليه من واقعها وخطورتها.
ثم أيضاً لسنا في مقام الاتهام لهذا أو ذاك، لا رمياً له بكفر والعياذ بالله، ولا وصفاً له بفسق دائم أو فجور عام، ولكننا نقول: بيننا وبينكم كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن فعلتم ما يخالفها قلنا لكم: ارتكبتم محرماً واقترفتم إثماً وتعديتم على دين الله عز وجل -وهو أعظم شيء عند كل مسلم ومؤمن- واعتديتم على نظام هذه البلاد وخصوصيتها التي قد فقدت في كثير من بلاد الإسلام، حتى أصبح في كثير من بلاد الإسلام المنكر معروفاً والمعروف منكراً، فهل يراد أن نسير خلف هذه المسيرة التي قد أوقعت أصحابها في مهاو كثيرة وشرور عظيمة في بلاد الغرب وفي بلاد الإسلام كذلك؟! ثم نقول: إن هذا يناقض قول الأغلبية كلها، ولإن قلتم بالديمقراطية فخذوا رأي الناس، وخذوا رأي النساء المسلمات في هذه البلاد، كم ستجدون من هذه الأصوات؟ ستجدونها شاذة ناعقة تغرد في غير سربها، وتأتي بلحن نشاز يفسد ما عليه الغالبية العظمى من نساء الإسلام في هذه البلاد، نسأل الله عز وجل أن يحفظها ويسلمها، فلماذا تتركون الديمقراطية في هذا الشأن وتجعلون لآحاد من الناس أن يقولوا: إن هذا هو المطلوب وهذا هو المرغوب؟! إذاً لا بد أن ننتبه إلى أن هذه القضايا قد وقعت في بلاد أخرى بدأت بمثل ذلك أو أقل من ذلك، وانتهت إلى ما تعلمون وترون وتشاهدون وتعرفون بأنفسكم، سواءٌ أكان ذلك في ديار ترجعون إليها أم في بلاد تزورونها.
نسأل الله عز وجل أن يجعل بلاد المسلمين طاهرةً مطهرةً مقدسةً خالصةً للإسلام وأهله، ليس فيها ما يناقض شرعه، لا في حكم ولا في نظام ولا في واقع ولا في طبيعة اجتماعية، ولا في أي جانب من جوانب الحياة.
ونسأل الله عز وجل أن يحفظ بلاد الحرمين، وأن يجعلها مهوى أفئدة المؤمنين، وأن يحفظ ولاة أمرها لإقامة شرع الله عز وجل فيها، وأن يسخرهم للوقوف في وجه كل من يعارض ذلك أو يناقضه.