معرفة مجالات المقاطعة مهمة، فمن مجالاتها: أولاً: مقاطعة البضائع، فمثلاً: لو كان الإنسان في بلد يستورد البضائع اليهودية من إسرائيل، ولو تصورنا أنا عملنا على أن نقاطع نحن، وتقاطع أسرنا، ويقاطع أقاربنا، ويقاطع جيراننا، ويقاطع زملاؤنا في العمل، وزملاؤنا في الدراسة هذه البضائع، ماذا سيحصل لها؟ ستكسد، وماذا سيحصل بسبب كسادها؟ سيخسر الذي يستوردها، فسيمتنع عن مثل هذا العمل، فالمقاطعة سلاح إيجابي، وإن كان في حقيقته سلبياً بمعنى أنه لا يدفع إلى عمل، بل يطلب الامتناع من عمل، ونطلب الامتناع من الشراء.
ثانياً: مقاطعة المجلات والجرائد غير الإسلامية، سواءً كانت غير إسلامية كفرية، أو مضمونها يغلب عليه الفساد، ويقل فيه الخير، فإن هذا أيضاً من أعظم الوسائل، بينما نجد أن التعامل معها كثير من كثير من قطاعات المسلمين، ويدل على ذلك المراسلات البريدية، وأركان التعارف، وما يلحق بذلك، وأعداد التوزيع التي توزع، كما أشرنا عن مجلة: (كل الناس) وأرقام توزيعها الهائلة، ولو أننا نمينا في النفوس وبين المسلمين روح المقاطعة، لقاطعوا هذه المجلات؛ ولكان تأثيراً إيجابياً في دفع ضررها.
ثالثاً: مقاطعة أشرطة الفيديو التي تتضمن الأفلام والمشاهد الخليعة، وكذلك الأشرطة الغنائية، ومن فضل الله عز وجل أنه بعد ظهور الأشرطة الإسلامية أصبح هناك شيء من التفاوت وبعض الكساد الذي بدأ يتسرب لهذه الأنواع من الأشرطة التي فيها المحرمات، وبعض المفاسد والمنكرات.
رابعاً: مقاطعة المعاملات الربوية والتعامل بالمعاملات الإسلامية في قضايا الاستيراد والإيداع ونحو ذلك، وهذا أيضاً مهم جداً، ونحن نرى أن أية مساهمة في مجالات استثمار إسلامي تلقى إقبالاً كبيراً، وغيرها يكون إقباله أقل، وينبغي أن تزاد هذه المساهمات، ويوعى الناس بضرورة عدم المشاركة في الحرام بصورة قريبة أو بعيدة.
النبي عليه الصلاة والسلام لعن في الخمر شاربها وعاصرها وبائعها والمحمولة إليه إلخ، فلم عمم النبي عليه الصلاة والسلام؟ لتتعمم صورة المقاطعة في أية صورة من صور المشاركة في الفعل المحرم، سواءً كانت هذه المشاركة قليلة أو كثيرة، مباشرة أو غير مباشرة.
نحن أو كثير منا يمارس دعم الباطل وبعض أوجه وإنتاجات الشر بصورة غير مباشرة من حيث يدري أو من حيث لا يدري، ومثل هذه الممارسات موجودة، وليس هناك حرج في وقوعها، فالممارس لها لن يقع في حرج واضطرار حتى يضطر إليها كما يقول بعض الناس: ليس لنا حل إلا أن نتعامل مع البنوك الربوية، ليس لنا حل إلا أن نسمع الأغاني، وكأن هذه أمور مفروضة! والصحيح غير ذلك.
خامساً: مقاطعة الخبرات والطاقات الأجنبية: كذلك عندنا عقدة الأجنبي في الخبرة، فنأتي بالطبيب الأجنبي وكأنه الذي بيده الشفاء، بينما غيره من المسلمين عندهم من الطاقات والتخصصات والعقليات ما يفوق هؤلاء إن لم يكونوا مثلهم، وكذلك نعلم أن المسلم مهما كان أفضل من غير المسلم، فإننا نعرف جميعاً أن كثيراً من هؤلاء -أي: غير المسلمين- يمارسون أعمالاً وأضراراً في المجتمعات المسلمة عبر ما يتاح لهم من فرص العمل، سواءً كانوا أطباء أو خبراء أو مهندسين أو غير ذلك.
سادساً: مقاطعة العمالة والخدم غير المسلمين؛ لأن هذا أيضاً فيه كثير من المضار، ويمكن أن يمارسه المسلم، ولن يكرهه ولن يجبره أحد على مثل هذا.