وأخيراً: العاطفة مجهولة لا يعرف كنهها ولا يمكن تقديرها، فلا يمكن أن تقول: إني أحب فلاناً بمقدار نصف كيلو والآخر بمقدار كيلو، ولا يمكن أن تضبط المشاعر بموازين محسوسة، فهي أمر -كما قد يعبر عنه- هلامي، وهذه الجهالة هي سر من أسرار خفائها وصعوبة التعامل معها، فإن لم يكن لنا رجوع إلى الأحكام الشرعية فإن أمر العاطفة يبقى ليس له ضابط، وكما يقولون: ليس لها خطام ولا زمام، ومن هنا جاء أمر خطير، وهو استغلال العواطف.
ومن أثر معرفة تقلبها: لماذا يغزونا أعداؤنا أو يؤثرون على وجه الخصوص في شبابنا بهذه العواطف، يلهبونها فتتحمس، ويغرونها فتتقدم؟ ولذلك تجد التأثير السلبي والاستغلال الرخيص لهذه العواطف عبر الصورة المتحركة في التمثيلية أو الفلم، وعبر الكلمة المهيجة في المواقف العاطفية كما يسمونها أو في الأغاني العاطفية وغير ذلك، وترى ذلك في القصص الذي يسمونه أيضاً قصصاً عاطفياً، كل ذلك تجد له استلاباً للعواطف الشبابية عموماً، وعواطف الفتيات على وجه الخصوص، فتجد بعض أولئك لا يتحرك إلا من خلال ذلك التأثير بهذه العواطف.