الدعوة والاهتمام بالأهل

مسألة كثيرة الشكوى، وهي: تعامل الشباب مع أهلهم وأسرهم وذويهم، فإن خير كثير من الشباب مبسوط وموهوب خارج بيوتهم، وخارج أهليهم، والله سبحانه وتعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء:214]، وكما يقولون: الأقربون أولى بالمعروف، وكثير من هؤلاء الشباب لا يقيم في بيته درساً، تراه حافظاً للقرآن، مجوداً له، على حظ من العلم، على فصاحة في اللسان، على طلاقة في البيان، أما في بيته فلا يقدم لأهله أدنى الواجب، وهذا لا شك أنه من أكبر الخلل، وأكبر الاضطراب في التصور، وهو أمر تكثر الشكوى منه، ولعل من المناسب أن هذه الشكوى جاءت من نفس الشباب الذين ذكروا مثل هذه العلة، وهذا النقص.

وهذا يقع به نوع من الخلل من وجه آخر، وهو أن الآباء والأسر تكون نظرتهم لهذا الملتزم الصالح نظرة غير محمودة، ويكونون معترضين على مثل هذا، بحكم أنهم لا يكون عندهم موازين شرعية في التقويم، فيعتبرون كل عمله ليس فيه خير، ويقولون: كنت قبل ذلك نرى منك بعض الخير، أما حين دخلت في هذا المسلك ما رأينا منك خيراً قط، وهذا لا شك أنه يعتبر من آثار عمل العبد، فأنت كنت سبباً في إيجاد هذا الفهم وهذا القول الخاطئ لأهلك؛ لأنك كنت سبباً في هذا التصور وهذا القول.

لذلك ينبغي أن يفقه الإنسان وخاصة الشاب أن أول الناس ببره وبخيره وبعلمه وبصلاحه هم أهله؛ لأن الناس إنما يخالطهم في فترات قصيرة، أما الأهل فإن الإنسان لا يستطيع أن ينفصل عن أهله، عن أبيه، عن أمه، عن زوجته، عن أبنائه، قد يكون مع زملائه في العمل، مع زملائه في الدراسة، ثم تتفرق بهم السبل، أما هؤلاء فإذا ما أصلح ما بينه وبينهم فإنه يبقى دائماً في نزاع وشقاق، ولاشك أيضاً أن هذا من أعظم البر، ومن أعظم إسداء المعروف للأهل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015