ثم يمضي بعد حلقه إلى مكة ليطوف طواف الإفاضة، وهو ركن من أركان الحج، ويسعى بعده سعي الحج وهو الركن الرابع من أركان الحج، فإن كان قد سعى قبل يوم عرفة فإنه لا سعي عليه؛ لأنه يجوز تقديمه، وأما إن لم يكن سعى فإنه يسعى بعد طواف الإفاضة، والسعي لا يكون إلا بعد طواف صحيح، سواءً كان هذا الطواف سنة كطواف القدوم ويجعل بعده سعي الحج، أو كان واجباً، أو كان تطوعاً، أو كان ركناً؛ فإن السعي لا يقع إلا بعد طواف صحيح.
فإذا فعل ذلك، أي: إذا رمى جمرة العقبة، وحلق أو قصر، وذبح هديه، وطاف طواف الإفاضة فإنه يكون قد تحلل تحللاً كاملاً، أما إذا فعل ثلاثة من هذه الأمور أو اثنين لمن لم يكن عليه هدي أو ذبح فإنه يكون تحلل التحلل الأول الذي يبيح له كل شيء من لبس المخيط والتطيب ونحو ذلك، ويبقى محظوراً عليه معاشرة النساء.
وهذا ينبغي أن يتنبه له الناس؛ لأنهم قد يؤخرون بعض الأركان عن يوم النحر، وهذا لا شيء فيه، فإن الأيام الثلاثة كلها موضع للطواف وللسعي ولا شيء في ذلك بإذن الله عز وجل.
وهذه الأعمال ترتيبها: أن يرمي جمرة العقبة، ثم يذبح هديه، ثم يحلق أو يقصر ثم يطوف، وإن قدم شيئاً وأخر شيئاً فلا شيء عليه؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام ما سئل عن شيء قدم أو أخر في يوم العيد أو يوم النحر إلا قال: (افعل ولا حرج).