الحمد لله الكبير المتعال ذي العزة والجلال، الموصوف بصفات الكمال المنزه عن كل نقص وإخلال، منه المبتدى وإليه المرجع والمآل، له الحمد سبحانه وتعالى وعد بالدفع عن عباده المؤمنون، وبشر بالنصر جنده المجاهدين، وكتب بالقطع أن العاقبة للمتقين، له الحمد كما يحب ويرضى على آلائه ونعمه التي لا تعد ولا تحصى حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ويرضى، وكما يليق بجلاله وعظيم سلطانه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن نبينا وقائدنا وقدوتنا وحبيبنا وسيدنا محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، خاتم الأنبياء والمرسلين، وسيد الأولين والآخرين، والذي بعثه الله رحمة للعالمين، وأرسله كافة للناس أجمعين، فهدى به من الضلالة، وأرشد به من الغواية، وفتح به قلوباً غلفاً وأسمع به آذاناً صماً.
وأشهد أنه عليه الصلاة والسلام قد بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، فجزاه الله خير ما جازى نبياً عن أمته، ووفقنا جميعاً لاتباع سنته، وحشرنا يوم القيامة في زمرته، وجعلنا من أهل شفاعنه، وصلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين، وعلى من تبعهم واقتفى أثرهم ونهج نهجهم إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:70 - 71].
أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون! حديثنا هذا نجدد به حديثاً سلف؛ لأنه لابد أن يكون حاضراً في الأذهان حياً في القلوب لما له من ارتباط وطيد بحقائق الإيمان والإسلام من جهة، وبوحدة المسلمين ورابطة المؤمنين من جهة أخرى؛ ولأنه كذلك يمثل قضية الوجود الإسلامي الإيماني في مواجهة العدوان الإجرامي الظلمي؛ ولأنه من جهة رابعة يمثل محور الصراع بين الحق والباطل، وبين الشر والخير، وبين المعاني والقيم الفاضلة، وبين الأضاليل والجرائم الفظيعة.
حديثنا هو عن أرض الإسراء، وعن قلب أمتنا الإسلامية النابض بالمقاومة والجهاد، في مرور الذكرى الرابعة للانتفاضة الجهادية المباركة.
ولا شك أن حدثاً مثل هذا لا يكون قد مر على الآذان والأذهان مرور الكرام، ولم يُربط بحقائق الإيمان، ولم يُستدل عليه بآيات القرآن، ولم يكن له صلة واضحة بما كانت عليه سيرة وسنة المصطفى العدنان صلى الله عليه وسلم.