إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، له الحمد سبحانه وتعالى على ما وفق من الطاعات وما صرف من الشرور والسيئات.
نحمده سبحانه وتعالى ملء الأرض والسماوات، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يليق بجلاله وعظيم سلطانه.
ونصلي ونسلم على خير خلق الله وخاتم رسل الله نبينا محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وعلى من اتبع سنته واقتفى أثره وسار على هداه، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين والدعاة.
أما بعد: فهذا هو درس الجمعة الرمضاني الأول، يأتي في يوم الجمعة غرة شهر رمضان المبارك عام خمسة وعشرين وأربعمائة وألف من الهجرة، وعنوانه: البدايات والنهايات.
ونحن في بداية رمضان، وستمر الأيام والليالي ونصل إلى النهاية، كما هو شأن الحياة لكل حي بداية ونهاية.
ومقصودنا في هذا الحديث أن نجلي طبيعة البدايات والنهايات، وأن نعرف ما تستحقه البداية وما تتطلبه النهاية؛ لكي نستعد لذلك الاستعداد اللائق واللازم، ودائما تترافق البدايات مع همة وعزيمة، وهذا هو الأصل.
فمع بداية العام الدراسي يبدأ الطلاب بداية قوية بنشاط وحيوية وقوة، ثم عند النهايات تشتد العزائم وتتجدد الهمم مرة أخرى باعتبار أن النهايات فيها الخواتيم وفيها النتائج وفيها الثمرات، فلذلك نجد الطلاب يكسلون أحيانا فيما بعد البداية، فإذا قربت النهاية وجاء الاختبار شمروا مرة أخرى عن ساعد الجد، وابتدءوا تدارك ما فات، وضاعفوا من البذل؛ لكي يحققوا أحسن ثمرة وأفضل نتيجة، وعمر الإنسان كذلك قد يكون في مبدئه ومقتبله قوة ونشاط وحيوية، ثم تمر به الفترات، فإذا اقتربت نهاية العمر وقربت الخاتمة تجددت مرة أخرى عند أكثر الناس همتهم في الخير ومراجعتهم للنفس وتصحيحهم للخطأ، وتداركهم للنقص وتوبتهم عن الذنب واستغفارهم لما سلف.
وهذه طبائع الأمور حيث تبدأ بقوة، ثم تدرك المرء الغفلة، ويحيط به الكسل، فإذا شارف الوقت على الانتهاء عاد مرة أخرى إلى التدارك، وهنا وقفتنا التي نفصل فيها بعضا من طبائع البداية والنهاية.