القضية الثالثة: قضية الهاتف, وما أدراك ما الهاتف -كما يقولون-! فهناك نقاط نحتاج إلى إيجازها بشكل محدد حتى لا نغفل النقاط، وإن كان نغفل التفصيل فيها, فما هي الأسباب التي تجعل من الهاتف مشكلة؟ أولاً: عدم التربية الأخلاقية الإيمانية، فهناك تسيب وعدم التزام من أفراد الأسرة مما يسهل هذا.
ثانياً: عدم التوعية، فإنه قد تكون الفتاة متربية أو الفتى متربياً، لكن لا يوعيان ببعض المخاطر وبعض المزالق وبعض ما ينشأ عن هذه الأجهزة من أمور لا يفطن لها.
ثالثاً: عدم المتابعة والمراقبة، لأنه حتى بعد التربية والتوعية قد يحصل الخطأ مرة, فلابد من أن يكون هناك تنبيه ولفت نظر وتذكير وموعظة, أما الغفلة فإنها تجر شيئاً وراء شيء آخر.
رابعاً: تأثير الإعلام والمجتمع، لأن هذا التأثير يصل بشكل مباشر أو غير مباشر إلى الأفراد، فيتعلقون بالهاتف من الوجه السلبي الذي سيأتي ذكره.
ثم هناك أسباب عملية في حصول المشكلات الناتجة من الهاتف.
الجانب الأول: من هذه الأسباب -ولعله من أولها وأخطرها-: التبريرات الوهمية في الاستخدام الخاطئ للهاتف, فمثلاً: يتصل الشاب بخطيبته، وينبسط معها بحجة أنها خطيبته أو أنه يريد أن يخطبها, أو يريد أن يتصل بواحدة ليتعرف عليها ومن ثم يختبرها ويفحصها وبعد ذلك يخطبها ويتزوجها, فهو له مقصد شريف, وأحياناً قد تكون مثل هذه الأمور بحسن نية، وإن كانت من جهة الشباب يغلب عليها سوء النية ومن جهة الفتيات -في بعض الأحيان إن لم يكن في أكثرها- يغلب عليهن الغفلة وحسن النية.
ومن هذه التبريرات الوهمية التجربة, فالشاب يسمع عن المعاكسات وكذا, فإذا جاء اتصال يقول: لماذا لا أجرب؟! وهذا نوع من حب الاستطلاع، ونوع من هذه التبريرات, وكذلك أيضاً تقول الفتاة: أنا في البيت وهو بعيد، فلماذا لا أعطيه كلمتين وآخذ وأعطي معه حتى أرى ماذا يمكن أن يكون؟ ثم لا يعلم الإنسان أن هذا بمثابة الشبكة التي تصيد السمك.
ومن التبريرات الوهمية أيضاً قصد النصح والوعظ, فقد تتصل واحدة فيقول: دعني أذكرها وأعظها وكذا.
وإذا به يقع، وقد وقع هذا في تجارب عملية.
فهذا الجانب الأول, وهو التبريرات الوهمية.
الجانب الثاني: التساهل في الاستخدام, فهناك استخدامات مطلوبة, فقد تضطر المرأة إلى الاتصال –مثلاً- بجهة معينة أو بأسرة معينة, فيرد رب الأسرة، فتطلب زوجته أو تطلب ابنته أو نحو ذلك, وهذا الأمر يحصل, لكن التساهل يحصل أنه إذا رد رب الأسرة تقول له: كيف الحال؟! وهل أنتم طيبيون؟! وكذا، أو تتصل هي لتقضي غرضاً معيناً, أو تتصل بالمستشفى لتسأل عن موعد العيادة, أو تتصل وتوسع دائرة الاتصال، وهذا التساهل يعود على كثرة الاتصال بين الرجال والنساء؛ مما قد يقع به بعض الخطأ والخلل.
الجانب الثالث من الأسباب العملية -أيضاً- وجود أرقام هاتفية خاصة لكل فرد أو لبعض أفراد الأسرة, فهناك رقم للفتاة, ورقم للشاب, ورقم للزوجة, أو على الأقل بعضهم يكون عنده رقم خاص, وهذا سبب مهيئ لحصول بعض المشكلات والمفاسد.
الجانب الرابع: عدم التدقيق في المكالمات وطبيعتها من ربات وأرباب الأسر، فالمكالمة الليلية التي تأتي بعد منتصف الليل لابد من أن تثير الريبة, فما هو الأمر الجلل الذي يستدعي هذا الاتصال؟! وما هي القضية المهمة التي تدفع إلى المهاتفة في مثل هذا الوقت؟! وهذا السبب أيضاً الغفلة عنه توقع في بعض هذه المشكلات.
وهكذا الوسائل التي يقع بها تبادل الأرقام لغرض حصول المعاكسات أو الفتنة, والتغرير بالمرأة على وجه الخصوص, فهناك وسائل كثيرة، من هذه الوسائل: أولها: العشوائية.
أي: أن ينتقي أي رقم عشوائي ليجرب من يرد عليه, وأحياناً يحفظ هذا الرقم بالكتابة, أو يكون عنده الهاتف الذي يعيد الرقم مسجلاً على الشاشة، بحيث يضبط هذا الرقم مع المكالمة أو مضمونها.
النقطة الثانية: استخدام أرقام للأقارب والمعارف، فإن كثيراً من المشكلات ثبت أن الذين يعاكسون فيها هم من العالمين والعارفين بهذه الأسر ومن فيها وما فيها, وبحكم هذه المعرفة تستخدم هذه المعلومات لنوع من الضغط أو التخويف, أو أحياناً تستخدم كنوع من إثارة حب الفضول والاستمرار في المكالمات.
النقطة الثالثة: الأسواق وما يرمى فيها من الأرقام على الأسلوب المعروف, فهذا الأسلوب -للأسف- أصبح معروفاً ومنتشراً، ولم يعد يقوم به الشباب تجاه الشابات، بل حتى الفتاة يكون معها في حقيبتها عدة نسخ من رقم الهاتف لتوزعه على الرائحين والغادين، وهذا -أيضاً- للأسف ظاهرة موجودة.
النقطة الرابعة -وهي من أخطر هذه النقاط على الإطلاق-: الزملاء والزميلات, فإن كثيراً من الشباب الذين يمارسون الانحراف من خلال هذا الهاتف يوصون ويعطون الأرقام لزملائهم، ويقول أحدهم لزميله: هذا رقم فلانة الفلانية.
أو: هذا رقم واحدة تدرس في الجامعة.
بحسب ما عنده من المعلومات, وكذلك الزميلات في المدارس يعطين زميلاتهن أرقاماً لفلان وفلان, مع التشجيع والتحريض والتعليم –للأسف- على أسباب المكالمات, وكيفية الإغراء، ونحو ذلك من الأمور!