الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين.
أما بعد: فهذا الدرس بعنوان: (أخطار تهدد البيوت بالانهيار)، وهذا الموضوع يتناول عدة قضايا كل منها لها أهمية كبرى، وهي قضية حية وظاهرة بينة في الأسر والبيوت، وسينتظم الحديث في أربع قضايا أو أربع مشكلات وأخطار: اثنتان منها بشرية، واثنتان غير بشرية.
فالأول يتعلق بالعنصر النسائي والمتمثل في المربية والخادمة، والثاني يتعلق بالعنصر الرجالي والمتمثل في السائق أو الخادم، والثالث يتعلق بالهاتف، والرابع يتعلق بالفيديو، وهذا التخصيص أو التنصيص لا يدل على أن هذه هي فقط المشكلات أو الأخطار، ولكن هذه أبرزها, وفي نفس الوقت تندرج تحتها أخطار أخرى، وسر أو غاية الحديث في مثل هذه الأمور أن هناك أخطاراً يقع فيها الناس من حيث لا يشعرون.
وثانياً: أنهم قد يعرفون أن هذه الأمور أخطاء، ولكنهم لا يدركون حجم خطورة آثارها وما يترتب عليها من مشكلات؛ إذ يرون الأمر الكبير سهلاً يسيراً، ولا يلتفتون إلى النتيجة إلا في وقت متأخر، ويفاجئون بأن المقدمات التي استسهلوها وظنوها يسيرة إذا بها تنتهي إلى نتائج كبيرة ووخيمة.
وثالثاً: أن هذه المشكلات –للأسف- لا تخص أصحابها الذين يجهلون بها أو الذين يعرفونها ولا يدركون أخطارها, بل هي بصورة مباشرة أو غير مباشرة تمس الآخرين الذين عندهم نوع من الحرص والإدراك لخطورة هذه المشكلات؛ فإن المجتمع اليوم لم يعد منفصلاً، ولم يعد بالإمكان أن يكون الإنسان بنفسه أو بأسرته قادراً على تأمين جميع جوانب الاحتكاك والاختلاط بالآخرين؛ فإن وسائل الاتصال وإن القضايا الاجتماعية تفرض نفسها أحياناً، وتمس البعيد عنها شاء أم أبى، ومن هنا فإن لهذه القضايا أهميتها الكبرى من هذه الوجوه الثلاثة التي أشرت إليها بإيجاز.
ونبدأ في القضية الأولى، وهي قضية العنصر النسائي في البيوت، والمتعلق بالمربية والخادمة، ولوجود التقارب والتداخل بين المربية والخادمة نتحدث عن الموضوع بغير انفصال، بمعنى: نتحدث عن وجود العنصر النسائي الغريب أو المستخدم في البيوت، وأول ما أشير إليه أن هذه الظاهرة لم تعد قضية محدودة، بل هي في الحقيقة تكاد تكون متجسدة وحاصلة في أغلب الأسر والبيوت، فإن الإحصاءات والدراسات تدل على هذا، فقد نشرت جريدة (المسلمون) في العدد الثالث بعد الثلاثمائة في دراسة إحصائية أن عدد المربيات في دول الخليج يبلغ مليوناً ونصف المليون مربية، ويقصدون بالمربية مسمى المربية التي هي مخصصة لتربية الأطفال، وهي أعم من الخادمة.
وفي دراسة إحصائية أخرى نشرت في مجلة (المجتمع) تقول: إن عدد الخادمات في الكويت يبلغ مائة وثمانين ألف خادمة، ليشكل هذا العدد عشرة في المائة من مجموع السكان، ويعطي معدلاً أن لكل ثلاثة أفراد من مجتمع الكويت خادمة واحدة، ويشكل معدل ثلاث خادمات للأسرة الواحدة! وعند تعميم هذه الإحصائيات -كما سيأتي في بعض الدراسات أثناء الحديث- سنجد أن القضية بحجمها الكبير في الحقيقة تثير الرعب حتى في مجالات أخرى؛ إذ إن بعض دول الخليج أيضاً في دراستها الإحصائية ذكرت أن المستخدمين مع المستخدمات مع العاملين يزيدون بنسبة لا بأس بها، أي: تزيد نسبتهم عن عدد السكان الأصليين بنسبة مئوية لا بأس بها، فيصبح أهل البلد أو أهل المجتمع الذين من المتوقع أنهم في غالبهم تجمعهم ديانة الإسلام في هذه الجزيرة ولغة العرب والحرص على الأحكام الشرعية يصبحون أقلية في مجموع هذه الأخلاط التي سيأتي ذكر جنسياتها ولغاتها ودياناتها المختلفة! فإذاً القضية ذات حجم كبير، وذات أثر خطير لما يترتب عليها من هذه الجوانب.