والتطبيق العملي يظهر أيضاً في صورة أخرى جميلة وجديرة بلفت النظر والاهتمام، تلك الصورة هي قصة مغيث وبريرة مولاة عائشة: (كان مغيث عبداً وكانت بريرة لا تحبه وهو زوجها من قبل، فقالت للنبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أعتقت: إنها لا تريد مغيثاً، وإنها ليس له في قلبها منزلة وقدر ومحبة من الناحية النفسية، فجعل مغيث يطوف خلفها يبكي ودموعه تسيل على لحيته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للعباس: يا عباس ألا تعجب من حب مغيث بريرة ومن بغض بريرة مغيثاً، ثم التفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى بريرة فقال لها: ألا ترجعين إليه؟ قالت: يا رسول الله! أتأمرني؟ قال: لا، إنما أشفع يا بريرة، فقالت: فلا حاجة لي فيه).
أي استقلالية أعظم وحرية أظهر من موقف مولاة لـ عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أمام رسول الله عليه الصلاة والسلام.
قال ابن حجر في تعليقه وشرحه لهذا الحديث: فيه من الحِكَم واللطائف: أنه يندب للإمام والحاكم أن يشفع بين الناس وأن يصلح بينهم، وفيه وجوب طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه حسن أدب بريرة فإنها لم ترد شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنها قالت: لا حاجة لي فيه.
انظر إلى هذه الصورة العظيمة.