الجوارح كلها رعية القلب، وأما المحرمات التي على القلب فقد قال عنها ابن القيم رحمه الله: (وأما المحرمات التي عليه فالكبر، والرياء، والعجب، والحسد، والغفلة، والنفاق، وهي نوعان: كفر ومعصية.
فالكفر: كالشك والنفاق والشرك، وتوابعها.
والمعصية نوعان: كبائر وصغائر.
فالكبائر: كالرياء، والعجب، والكبر، والفخر، والخيلاء، والقنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله، والأمن من مكر الله، والفرح والسرور بأذى المسلمين، والشماتة بمصيبتهم، ومحبة أن تشيع الفاحشة فيهم، وحسدهم على ما آتاهم الله من فضله، وتمني زوال ذلك عنهم، وتوابع هذه الأمور التي هي أشد تحريماً من الزنا وشرب الخمر وغيرهما من الكبائر الظاهرة، ولا صلاح للقلب ولا للجسد إلا باجتنابها والتوبة منها).
فليست الكبائر محصورة في الزنا وشرب الخمر وغيرها مما يتعلق بالجوارح، لكن أكبر منها ما يتعلق بهذا القلب، وفتنته وشهوته، وأوضاره وأقذاره التي تصرفه عن مراد الله سبحانه وتعالى، ومقصوده منه جل وعلا، ولذلك قال ابن القيم: التي هي أشد تحريماً من الزنا، وشرب الخمر! وكما أن ابن القيم بين لنا الأمراض ومدارها، فكذلك بين لنا العلاج ومداره فقال: (فإن مدار اعتلال القلوب وأسقامها على أصلين: فساد العلم، وفساد القصد.
ويترتب عليهما داءان قاتلان: وهما: الضلال والغضب.
فالضلال نتيجة فساد العلم، والغضب نتيجة فساد القصد، وهذان المرضان هما ملاك أمراض القلوب جميعها).