ولننتبه إلى صور عامة، وننظر إليها في بعض آيات القرآن وبعض أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ لنرى ما الذي، أو لنعرف ما المعنى الذي نريد أن نبينه في شأن الوقاية الإيمانية في منهج الإسلام.
ولننظر إلى أمثلة من الوقاية العقدية والأخلاقية والاجتماعية في عجالة سريعة حتى ندرك ما المفهوم الذي نتحدث عنه: في الوقاية العقدية تقوية وإقامة للحجة وإظهار للبرهان على وحدانية الله سبحانه وتعالى، وعلى ألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته، وعلى قضايا الإيمان كلها: من الإيمان بالرسل والأنبياء والكتب والصحف وما يكون في اليوم الآخر وبالقدر خيره وشره.
وكل ذلك مبسوط في آيات القرآن، كقوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} [محمد:19]، وقوله: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء:22]، وقوله: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ} [المؤمنون:91]، {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان:25].
وآيات كثيرة في إثبات البعث الذي ينكره المنكرون، ويعترضون عليه لضعف عقولهم، فيأتينا القرآن بأمثلة وقصص وإثباتات كثيرة، كقوله سبحانه: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس:78 - 79]، وأمثلة يضربها الله عز وجل في الحياة التي تبعث في البذرة الصماء حتى تكون نباتاً يزهر ويثمر إلى غير ذلك.
ثم يأتينا جانب الحماية والتحذير والوقاية بعد هذا البناء الذي قام على أسس راسخة من الأدلة الظاهرة والحجج القاطعة؛ كقوله تعالى: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج:30]، ويأتينا التحذير أيضاً في آيات أخرى كقوله: {لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا} [الإسراء:22]، وتأتينا الآيات القرآنية المحذرة من الشرك ومن كل أسبابه، والمبطلة لصوره عند أربابه، فكان هذا منهجاً متكاملاً ألمحنا إلى بعض صوره من خلال هذه الآيات.