ولابد أن نفهم أن الوقاية ينبغي أن تكون شاملة للأبدان والقلوب والعقول، لأنه ما الفائدة إذا صحت الأبدان وضلت العقول؟ وما الفائدة إذا سلمت الأجساد وزاغت القلوب؟ نسأل الله عز وجل السلامة.
إن العالم اليوم يبذل مئات الآلاف من الملايين في شأن الصحة، ومنظمات للصحة العالمية، وأبحاث وتجارب وكثير وكثير، لكنه لا يعدو أن يكون في دائرة ضيقة، ولا يعدو أن يعالج أسباباً محدودة، وإذا بنا نرى أن الأمراض تتكاثر وتعظم، وأن الضحايا تتوالى وتتابع؛ لأن العلاج إنما تناول جزءاً واحداً، وكأنما أنت في مكان تخشى عدواً فأحكمت إغلاق باب من الأبواب إغلاقاً جيداً، ولكن الأبواب الأخرى أو بعض النوافذ مفتوحة، فإنه ولاشك سوف يدخل عليك العدو أو يأتيك البلاء الذي تحذره من جانب آخر، فما الفائدة إذا عملوا على تحصين الأجساد وتلقيحها والبحث عن أدوية الأمراض ولم يعالجوا أسبابها من الانفراط الأخلاقي والانحلالي السلوكي الذي يؤدي إلى مثل تلك الأمراض؟ لننتبه إلى أن الوقاية التي نريد أن نتحدث عنها في لقاءات متتابعة تشمل الإنسان كله، وتشمل الفرد وحده كما تشمل المجتمع برمته، إنها وقاية تغير وجه الحياة لتجعلها مبنية على الأمن والسلامة باطناً وظاهراً، وتعالج الأمراض من أسبابها، وتوقف الخطر من منابعه، وهذه هي المهمة الأعظم الأشمل الأكمل التي لا يمكن بحال من الأحوال أن تتوفر إلا في وحي الله عز وجل الذي أكرمنا وأنعم علينا به.