في الحقيقة مسائل الحج كثيرة، لكن هناك مسائل دائماً يكثر السؤال عنها، فاتخذت بعضاً منها من فتاوى كبار أهل العلم في المملكة وغيرها، وأيضاً بعضها من المجمع الفقهي.
ومن أكثر هذه المسائل وروداً ودروجاً مسألة تجاوز الميقات والإتيان إلى جدة والإحرام منها، وخلاصة ما يقال في هذا أنه يجب على كل قادم من خارج المواقيت إلى مكة والمشاعر بنية الحج أو العمرة أن يحرم من الميقات، وإذا تجاوز الميقات فإنه يجب عليه أن يرجع إلى ميقاته أو أقرب ميقات، وإذا لم يتمكن من ذلك أو أحرم من جدة أو من غير جدة متجاوزاً لميقاته فإنه يجب عليه دم فدية؛ لأن الإحرام من الميقات واجب، وتركه للواجب يجبر بالدم، ولا يجزئه مطلقاً بأي حال من الأحوال أن يحرم من جدة، لكن إذا جاء إلى جدة أو إلى مكة بغير نية النسك لعمل أو لزيارة مريض أو لغير ذلك ثم أنشأ النية بعد ذلك، فإنه يحرم من مكانه من جدة إن كان في جدة، ومن مكة إن كان في مكة، لكن لا يحتال؛ لأنه يحتال على الله عز وجل.
فبعض الناس يقول: أنا أتيت بنية العمل وكذا.
لكن إذا سألته يقول: كنت أقول: إن تيسرت العمرة فسأعتمر.
وإن دققت معه سيقول: سأجد فرصة وإن شاء الله سأعتمر.
إذاً فأنت كنت تنوي العمرة وكنت تنوي الحج، فلابد من أن تأتي بالأمر على وجهه.
المسألة الثانية التي يذكرها -أيضاً- كثير من الناس: ما يتعلق بطواف الوداع أو طواف الإفاضة بالنسبة للمرأة الحائض أو النفساء.
نقول: إذا استطاعت المرأة أن تنتظر حتى تطهر فإنه يجب عليها أن تطوف طواف الوداع أو الإفاضة بعد طهرها، أما إن كانت مع رفقة أو محرمها ولا تستطيع التأخر فإنه -والحالة هذه- لا يجب عليها طواف الوداع ويسقط عنها بهذا العذر، وأما طواف الإفاضة فإنها تغتسل له وتستثفر وتطوف ولا شيء عليها إن شاء الله تعالى.
والمسألة الثالثة فيما يتعلق بمسألة الحج على نفقة إنسان آخر، فلو أن إنساناً دعا إنساناً ليحج معه وسينفق عليه فبعض الناس يتوهم أن حج الفريضة لا يصح إلا أن يكون من ماله، وهذا خطأ، فمتى توافرت لك الاستطاعة -الزاد والراحلة- فليس هناك شرط أن يكون الحج من مالك أو أن يكون هدية من صديق أو أن يكون مساعدة من أخ، لا يشترط هذا الشرط، فإن حج مع هيئة رسمية أو مع جهة العمل أو مع صديق أو مع بعض الناس الذين يصنعون مثل صنيع ابن المبارك رحمة الله عليه فلا حرج في ذلك مطلقاً، فإن هذا الأمر -كما أشرت- يغلب على كثير من الناس، فربما يؤجلون حجهم وقد يتيسر لهم مع من يكفيهم المئونة ومع ذلك يتركون الحج لهذا المعنى، وهذا غير صحيح.