كلنا يعلم أن التعليم له الأثر البالغ في كل أمة ومجتمع؛ ولذلك كان فيما مضى وإلى اليوم والناس كلهم كل معتدل وعادٍ يعلمون أن التغيير يبدأ بالتعليم، الشيوعية الهالكة كان أول عنايتها إذا دخلت بلاد محتلة مغتصبة، أو جاءت عبر أتباع لها ممن يتبنون أفكارها، فإن أول ما يعملونه هو تغيير مناهج التعليم؛ لأنهم يريدون أن ينشئوا الجيل الجديد على ما لديهم من الفكر والسلوك والتصور؛ لأن هذا هو الذي يغرس في الصغار ابتداءً، وفي الكبار ترسيخاً، وفي واقع الحياة ممارسة؛ ولذلك شنت الحملة على هذه المملكة في الزمن القريب وفيما يأتي وإلى يوم الناس هذا؛ لأن سياستها التعليمية سياسة مبنية على إيمان وإسلام وخلق وتقويم؛ ولأنها تدرك أن إخراج الإنسان المؤمن المسلم الذي يمثل إسلامه في فكره توسطاً واعتدلاً، وفي سلوكه خلقاً وسمواً، وفي معاملته حسناً وإحساناً هو الهدف الأسمى لذلك التعليم؛ ولأن مناهج العلوم الإسلامية، بل وحتى العلوم العصرية ليست خالية من اللمسات الإيمانية، والتذكير بعظمة الخالق سبحانه وتعالى، ولذا فإن الهجوم عليها إنما هو لذلك، فما أحرانا أن نواجه هذا الهجوم على أقل تقدير بأن نحافظ على ذلك، وأن نحرص عليه؛ لأنه ما هاجمه أعداؤنا إلا لأنه من أسرار قوتنا، وإلا لأنه من أسباب تماسكنا؛ ولذلك نحن ندرك أن عدونا إنما يريد مضرتنا، فعلينا أن ندرك هذا، وأما ما نحتاج إليه مما يزيد في علم أبنائنا، ويطور في طرائق تعليمنا، ويحسن في وسائل أدائنا فذلك من البدهي الذي لا يحتاج إلى تذكير ولا إلى تطويل في القول.
ومن هنا فإننا نأمل من كل أحد من خلال وسائل الإعلام، ومن خلال مناهج التعليم، ومن خلال أدوار المدراء والمعلمين، ومن خلال دور معاشر أولياء الأمور من الآباء والأمهات، ومن خلال كل هذا المجتمع أن نؤكد على أهمية التعليم، وأهمية التزود به واتخاذه سلاحاً من أسلحة القوة ومن أسلحة العصر، وقبل ذلك ومعه وبعده التركيز على أهمية التربية والتزكية والتقويم السلوكي والفكري والنفسي الذي له ثماره الحميدة.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يمن علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، والهداية والاستقامة.
اللهم طهر قلوبنا، وزك نفوسنا، وأرشد عقولنا، وحسن أقوالنا، وأصلح أعمالنا، وأخلص نياتنا، وارفع درجاتنا، وضاعف أجورنا، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا.
اللهم إنا نسألك العفو والعافية، والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة.
اللهم تول أمرنا، وارحم ضعفنا، واجبر كسرنا، واغفر ذنبنا، وأقل عثراتنا، وامح سيئاتنا، وارفع درجاتنا برحمتك يا أرحم الرحمين! اللهم ردنا إلى دينك رداً جميلاً، وألهمنا رشدنا، وأعذنا من شرور أنفسنا، ووفقنا لطاعتك ومرضاتك يا رب العالمين! اللهم خذ بنواصينا إلى طريق الحق والسداد، وألهمنا الرشد والصواب.
اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من عبادك الصالحين، وأن تكتبنا في جندك المجاهدين، وأن تجعلنا من ورثة جنة النعيم.
اللهم إنا نسألك أن تجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاك وأنت راضٍ عنا.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وارفع بفضلك كلمة الحق والدين.
اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا وأراد الإسلام بسوء فاجعل دائرة السوء عليه، واجعل تدبيره تدميراً عليه.
اللهم عليك بسائر أعداء الدين فإنهم لا يعجزونك، وأحصهم اللهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً، وأرنا فيهم -يا رب- عجائب قدرتك، وعظيم سطوتك، وزلزل اللهم الأرض تحت أقدامهم، واقذف الرعب في قلوبهم، واجعل الخلف في صفوفهم، اللهم استأصل شأفتهم، ودمر قوتهم، وخالف كلمتهم، واجعل بأسهم بينهم، اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين يا قوي! يا عزيز! يا متين! اللهم اشف فيهم صدور قوم مؤمنين عاجلاً غير آجل يا رب العالمين! اللهم أقر أعيننا بنصر الإسلام والمسلمين في كل مكان يا رب العالمين! واجعل الدائرة على البغاة الظلمة المعتدين يا قوي! يا عزيز! يا متين! اللهم رحمتك ولطفك بعبادك المؤمنين المضطهدين والمعذبين والمشردين والمبعدين والأسرى والمسجونين والجرحى والمرضى في كل مكان يا رب العالمين! اللهم سكن لوعتهم، وفرج همهم، ونفس كربهم، وعجل فرجهم، وقرب نصرهم، وزد إيمانهم، وعظم يقينهم، واجعل ما قضيت عليهم زيادة لهم في الإيمان واليقين، ولا تجعله فتنة لهم في الدين برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم اجعل لنا ولهم من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل فتنة عصمة، ومن كل بلاء عافية، اللهم إنهم حفاة فاحملهم، عراة فاكسهم، خائفون فأمنهم، مشردون فسكنهم، اللهم منّ علينا وعليهم بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام يا رب العالمين! اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، وأصلح اللهم أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين! اللهم وفق ولي أمرنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، وارزقه بطانة صالحة تدله على الخير وتحثه عليه يا سميع الدعاء! وانصر اللهم عبادك وجندك المجاهدين في كل مكان يا رب العالمين! عباد الله! صلوا وسلموا على رسول الله؛ استجابةً لأمر الله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:56]، وترضوا عن الصحابة الكرام، وأخص منهم بالذكر ذوي العلي والمقام الجلي، وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.
اللهم صل وسلم وبارك على نبيك محمد، وعلى آله وصحابته أجمعين.
والحمد لله رب العالمين.