الحمد لله جلت قدرته، وظهرت حكمته، واتسعت رحمته، واشتدت نقمته، له الحمد سبحانه وتعالى، ما أوسع علمه! وما أعظم حلمه! وما أجل فضله! وما أكثر كرمه! نحمده سبحانه وتعالى على آلائه الجسيمة، ومننه العظيمة حمداً يليق بجلاله، وعظيم سلطانه، ويوافي فضله وإنعامه، وينيلنا رحمته ورضوانه، ويقينا سخطه وعذابه، فله الحمد في الأولى والآخرة، وله الحمد على كل حال وفي كل آن، وله الحمد ملء السماوات والأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شاء من شيء بعد، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير.
وأشهد أن نبينا وقائدنا وقدوتنا وحبيبنا وسيدنا محمداً عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، أسمع به آذاناً صماً، وفتح به قلوباً غلفاً، وهدى به البصائر والأبصار، وأشهد أنه عليه الصلاة والسلام قد بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فجزاه الله خير ما جازى نبياً عن أمته، ووفقنا وإياكم لاتباع سنته، وحشرنا يوم القيامة في زمرته، وجعلنا من أهل شفاعته، وصلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء:1].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:70 - 71].
أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون! الأمانة المضيعة، والثروة المهدرة، تحتاج منا إلى مراجعة ومذاكرة، ومعاتبة ومحاسبة، وإلى إصلاح الخلل وتقويم الاعوجاج.
أبناؤنا فلذات أكبادنا، أطفالنا رجال مستقبلنا، شبابنا أمل أمتنا، سلف حديث لنا في الجمعة الماضية عن الوقت الممتد في هذه الإجازة، والإهدار لهذه الأوقات في كثير مما لا يجدي نفعاً، وقد يجلب ضرراً، ولقد وجدت بذلك صدى عند كثير من الإخوة، وقالوا: حدثنا عن مشكلاتنا، وخاطبنا في القضايا التي تحيط بنا، ومن أهمها وأجلها: مسئولية تربية الأبناء، ثروة أجيالنا القادمة، علّنا نستشعر هذه المسئولية، وندرك عظمتها، ونعرف ثقلها، ونعي أثرها ودورها في واقع حياتنا ومستقبل أمتنا.
هذا حديث أعلم أنه جليل واسع وعظيم لا يكفيه مثل هذا المقام، وحسبي اليوم أن أجتهد في الوصول إلى هدفين اثنين مهمين، أولهما: توضيح هذه المسئولية وعظمتها ومكانتها وأهميتها.
وثانيهما: البيان الإجمالي العام لآثارهما التي نعيشها ونلمسها ونراها بأعيننا.