الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، وعلى آله وصحابته أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.
أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون! أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله؛ فإن تقوى الله أعظم زاد يقدم به العبد على مولاه.
وإن من التقوى اغتنام الأوقات، وإن منها حسن الصلات، والإصلاح بين أهل الخصومات.
واعذروني فقد أطلت في هذا قليلاً؛ لأن ما يمر بي وما يأتيني من هذه المشكلات يجعلني أشعر بمزيد من الخطر على أحوال مجتمعنا؛ لتفاقم هذه الصور.
وحري بنا أن نقول عكس ذلك، أن نقول: لمَ لا يكون في صيفنا هذا تحصيل علم، وصلة رحم، واستزادة من خير، وعمل في دعوة، وغير ذلك مما يمكن أن يحصِّل كثيراً من المصالح والخيرات؟ ومن جهة أخرى: لمَ لا نجعل هذه الأوقات -وفيها شيء من السعة واليسر- في الارتباطات؟ ولمَ لا نجعلها سبباً من أسباب صلة الرحم والقرب بين الناس والتآلف بين المجتمع؟ فنحن نلهث في الحياة الدنيا كأنه لم يعد عندنا وقت لكلمة طيبة، ولا لابتسامة مشرقة، ولا لزيارة مخلصة، ولا لأنس يربط القلوب، ويقرب النفوس! ذلك ما أحب أن أشير إليه.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لطاعته ومرضاته، اللهم إنا نسألك التقى والهدى والعفاف والغنى.
اللهم إنا نسألك أن تأخذ بنواصينا إلى طريق الحق والسداد، وأن تلهمنا الرشد والصواب.
اللهم اهدنا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنك، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
اللهم اجعل في قلوبنا المحبة لإخواننا، وفي نفوسنا السماحة في معاملتهم، اللهم ألف بين قلوبنا، ووحد بين صفوفنا، واجمع كلمتنا على الحق والعدل والتقى والهدى يا رب العالمين.
اللهم أزل من قلوبنا الشحناء والبغضاء لإخواننا جميعاً في كل أحوالنا وأوضاعنا وأوقاتنا يا رب العالمين.
اللهم إنا نسألك أن تحسن ختامنا وعاقبتنا في الأمور كلها، وأن تجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وارفع بفضلك كلمة الحق والدين، ونكس رايات الكفرة والملحدين.
اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فاجعل دائرة السوء عليه، واجعل تدبيره تدميراً عليه يا سميع الدعاء.
اللهم عليك بسائر أعداء الدين فإنهم لا يعجزونك، أحصهم اللهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً.
اللهم إنهم قد طغوا وبغوا وتجبروا وتكبروا وأذلوا عبادك المؤمنين، وانتهكوا حرمات المسلمين، اللهم فأنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، وأرنا فيهم عجائب قدرتك، وعظيم سطوتك، يا قوي يا عزيز يا متين! اللهم اشف صدور قوم مؤمنين من الكافرين عاجلاً غير آجل يا رب العالمين! اللهم ارحم ضعف إخواننا المسلمين في كل مكان يا رب العالمين! اللهم امسح عبرتهم، وسكن لوعتهم، وفرج همهم، ونفس كربهم، وعجل فرجهم، وقرب نصرهم، وادحر عدوهم، وزد إيمانهم، وعظم يقينهم، واجعل ما قضيت عليهم زيادة لهم في الأجر واليقين، ولا تجعله فتنة لهم في الدين، واجعل لنا ولهم من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل فتنة عصمة، ومن كل بلاء عافية يا سميع الدعاء! اللهم انصر إخواننا المجاهدين في أرض العراق وفي فلسطين وفي كل مكان يا رب العالمين! اللهم سهل خطواتهم، وسدد رميتهم، ووحد كلمتهم، وأعل رايتهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم يا رب العالمين! اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاءً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم احفظ بلاد الحرمين من كل سوء ومكروه، اللهم احفظ عليها أمنها وإيمانها وسلمها وإسلامها ورغد عيشها وسعة رزقها برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم وفق ولاة أمور المسلمين لما تحب وترضى، وفق اللهم ولي أمرنا لرضاك، واجعل عمله في رضاك، اللهم ارزقه بطانة صالحة تدله على الخير وتحثه عليه يا سميع الدعاء! عباد الله! صلوا وسلموا على رسول الله؛ استجابة لأمر الله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:56]، وترضوا على الصحابة الكرام، وأخص منهم بالذكر ذوي القدر العلي، والمقام الجلي، وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وترضوا على سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم صل وسلم وبارك وأكرم على نبيك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
والحمد لله رب العالمين.