ضياع الأوقات له أثر سيئ في السلوك، وللأسف الشديد فإن حال الكثير اليوم سهر وعبث حتى انشقاق الفجر، ونوم وكسل حتى انتصاف النهار.
إنها صورة مقيتة تتكرر في كل وقت في مثل هذه الأيام، صور نراها في زحام السيارات، وامتلاء الأسواق، واستمرار الأفراح والأعراس إلى آخر الليل، صور نراها في كثير من الجوانب السلبية التي تقتل الوقت قتلاً، وتبدد الثروة تبديداً، وتبين أن في عقول كثير منا ونفوسهم زللاً أو خللاً في الفكر، وهبوطاً وضعفاً في الهمة، وهذا هو السبب الذي يجعلنا نهدر هذه الثروة في أمة تحتاج إلى كل ثانية؛ لتعوض النقص، وتتدارك الخلل، وتحاول اللحاق بركب الأمم التي تقدمت.
نحن اليوم نأكل مما يزرعون، ونلبس مما يصنعون، ونحاول أن ندافع عن أنفسنا بما يعطونه لنا، فكيف نعوض هذا ونحن أمة تريد أن تنام ملء عيونها، وأن تأكل ملء بطونها، وأن تضحك ملء أشداقها، وأن تسترخي عقولها فلا تفكر في أمر يهمها، ولا في خطب جلل فيه مصيرها، ولا في قمة ترتقي إليها، ولا في مكانة تطمح إلى الوصول إليها.
تأملوا أنه إذا وقع حادث كانقطاع كهرباء أو تعطل قطارات أو نحو ذلك خرجت علينا الأخبار تخبرنا أن الخسائر تقدر بكذا وكذا مليون من الدولارات أو غيرها، فكيف حسبوها؟! قالوا: هذا الوقت -نصف ساعة مثلاً- من محسوب أوقات العمال والمدراء والموظفين، ومن أوقات المصانع، وتوقف الإنتاج فيها، ثم يقولون لنا: إن هناك خسارة كبرى، أما نحن فلا نحسن هذه الحسابات! إن أحدنا يقول: وماذا يحصل لو تأخرنا نصف ساعة أو ساعة؟ وماذا يحصل لو تأخرنا ونحن في وقت عطلة وإجازة؟ وكأننا نقول: إن هذه الثروة ليست لها عندنا قيمة، وليس لها وزن، وليس لها في حياتنا أثر، مع أن ديننا على عكس هذه المفاهيم في كل دلالة وإيحاء من آيات كتابنا وأحاديث رسولنا صلى الله عليه وسلم.