ولعلي أشير إلى ومضات من هذه الصور الحزينة، ولابد أن نخرج منها بدروس ثمينة، ولابد أن ترشد العقول، وأن تنتبه وتلتفت الأنظار لجميع أمة الإسلام من أصغر صغير إلى أكبر كبير، ومن الفرد العادي إلى الحاكم الذي يسوس الأمور، ويدبر الأحوال في أمته أو دولته.
هذه الصور التي رأيناها رأينا معها عجباً، فكيف وقعت هذه الواقعة؟! ولاشك أن بعض النفوس بعواطفها الجانحة ما زالت لا تصدق ما جرى، وأن بعض العقول التي أصابتها لوثة العظمة الفارغة دون أن تدرك حقيقة المخالفة الصريحة للقرآن وللسنة ولمنهج الإسلام ما زالت تقول أقوالاً عجيبة وغريبة، ولا تكاد تبصر الأمر وهو واضح.
إنه الطغيان والظلم الذي مكن له الأعداء والأولياء، وكان على رءوس الضعفاء والبؤساء، فمن الذي مكن لهذا النظام ابتداءً؟ ومن الذي أعانه بالأسلحة؟ ومن الذي أمده بالقوة، ومن الذي غض الطرف عن جرائمه ليس في يوم ولا يومين ولا عام ولا عامين ولا عقد ولا عقدين بل أكثر من ذلك، أليسوا هم المحررين اليوم؟! ومن يطالع ويقرأ هذا يراه رأي العين في صور واضحة تمثل في علاقات قديمة، وفي عقود مبرمة قد أظهرتها اليوم الأخبار والأحوال.
ثم أين الدول العربية والإسلامية التي لا زالت إلى اليوم تظن أنها في قولها هذا محقة؟ إنه قد كان ظلم وبغي وعدوان، وقد وقعت إزاحته، لكن من الذي أزاحه؟ وأين العرب والمسلمون؟ ولماذا خرست ألسنتهم، وعميت أبصارهم، وصمت آذانهم، وشلت أيديهم، وتعطلت مسيرتهم؟! بل كانوا مساهمين في مثل هذا الظلم بصورة أو بأخرى: إما بمشاركة له، أو سكوت عنه، أو تغطية عليه، أو أية صورة من الصور الأخرى.