أيها الإخوة المؤمنون! صور حزينة وأحداث أليمة ربما حيرت العقول، وربما بثت في النفوس وهناً ويأساً مشوباً بالحزن والألم، وما من شك أن كل ذي قلب مؤمن وكل ذي نفس حية وكل ذي عقل بصير يؤلمه ما جرى من هذه الأحداث، وما انتهت إليه من صورة أدخلت إلى النفوس صورة الذل بالقهر والتسلط، وصورة الضعف بالخيانة والاستسلام، وصورة الانخداع بالأوهام والشعارات.
ولكن الأمر المهم الذي كنا وما زلنا وسنظل نُعنى به: أصولنا الثابتة التي لا تتغير قرآننا الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه هدي رسولنا صلى الله عليه وسلم المعصوم من كل خطأ سيرة أمتنا التي تضمنت من سنن الله عز وجل عزها ونصرها وقوتها إذا ارتبطت بدينها، وذلها وضعفها وشتاتها إذا أعرضت عن نهج ربها.
فالسنن القرآنية الإلهية الماضية ينبغي ألا يفقدنا تذكرها هول ما يجري، ولا عظمة ما قد يداخل النفوس من حزن تلك الحقائق.
ولأن الأمور قد تؤدي إلى مؤداها التي انتهت إليه لابد أن نعلم أن مواجهتنا مع الكفر وأهله، وأن استهداف أعداء الإسلام للإسلام وأهله، ليس في جولة واحدة، وليس في دولة واحدة، وليس في ميدان واحد.
وما جرى في بغداد، وقبلها في أفغانستان، وما جرى قبل ذلك من أمور وأحداث، وما جرى ويجري ولا زال يجري في أرض فلسطين الحبيبة من تسلط للأعداء وتمكن لهم، لا يعني أن الأمر قد انتهى، وأن نرى ما نرى من تلك الصور الحزينة التي داخلت كثيراً من النفوس.
وأنا أعلم أن كلاً منا قد مرت به الأيام الماضية وهو كسيف البال، وهو عظيم الحزن، وهو شديد الاستغراب، وهو متحير اللب، وهو يضرب أخماساً بأسداس، لكننا - بحمد الله- ما زلنا نصلي في المحاريب، وما زلنا نسجد بين يدي الله، وما زلنا نتلو القرآن، وما زلنا نعرف أن خير البشرية هو محمد صلى الله عليه وسلم، فما زلنا كذلك، وينبغي أن نظل على ذلك، فإنه ليس نصر الأعداء -وهم يعرفون ذلك- بزوال نظام، أو بانتهاء طاغية، أو بالتآمر معه والاتفاق على الخيانة، ولا بتسلطهم على الثروات التي يريدونها ويريدون من خلالها التحكم في بلاد الإسلام وشعوبه.