أنتقل إلى النقطة الثانية، وهي المتعلقة بالتصور العام للمرأة المسلمة في الإسلام، أو المرأة المسلمة في التصور والمنهج الإسلامي، وذلك لنعالج ما أشرت إليه في أثناء الأسباب من قصور النظرة أو عدم وضوحها، حتى إن بعض الناس قد يكون مبالغاً في أمور هي من العادات، أو هي من الأعراف التي قد يكون بعضها لا حرج فيه من الناحية الشرعية.
فنحن نجد -على سبيل المثال- من الناس من يرى ذكر اسم المرأة في حد ذاته عيباً أو أمراً محرجاً مخزياً، أو نحو ذلك، بل قد يرى أن من يذكر اسم امرأة لسبب أو لآخر -أماً كانت له أو زوجة- أنه قد خرج من دائرة الحياء، وأنه ربما يعتبر من المتساهلين المفرطين، ولكن هذا غير صحيح.
والنصوص في ذكر أسماء كثير من الصحابيات بين النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه كثيرة، أذكر منها انصراف النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءت إليه صفية فخرجها معها ليقلبها -أي: ليعيدها إلى بيتها- فمر رجلان من الأنصار ثم أسرعا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (على رسلكما؛ إنها صفية بنت حيي).
ولما خرجت سودة بنت زمعة رضي الله عنها -وهذا الحديث في البخاري - لقضاء الحاجة وكن لا يخرجن لقضاء الحاجة إلا في الليل، وكان عمر رضي الله عنه شديد الغيرة على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فلما خرجت قال: قد عرفتك إنك سودة.
حتى يبين أنه يود أن لا يعرف أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرض عليهن الحجاب.
واستأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة رضي الله عنها -والحديث متفق عليه عند البخاري ومسلم - فحدث ارتياع من خديجة لهذا، أو لقدومها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم! هالة بنت خويلد).
وفي حديث أنس المتفق عليه أيضاً أنه قال: (إن جدته مليكة دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام، وكان بلال يستأذن للناس على رسول عليه الصلاة والسلام، فدخل مرة وقال: يا رسول الله! امرأة من الأنصار وزينب -يعني: تستأذنان- فقال النبي عليه الصلاة والسلام: أي الزيانب؟ فقال بلال: زينب امرأة ابن مسعود) والأحاديث في ذلك كثيرة.