وفيما يتعلق بجانب الحكم وبجانب الدول أُقصي القرآن رسمياً، وبإعلان صارخ -بل فاضح بشع- أن القرآن لا يحكم، وجيء بالقوانين الفرنسية والإنجليزية وغيرها، وحكمت بها أمة الإسلام، ولا تزال تحكم بها كثير من الدول التي تُسمى إسلامية.
ثم قالوا: نحن لسنا كافرين، ولسنا ننكر القرآن! فما صلتهم بالقرآن؟ يفتتحون به أول البث التلفزيوني والإذاعي ويختتمون به! وما من حفل رسمي إلا وأول شيء القرآن، ولا بأس بأن يكون هناك مسابقات للقرآن وبعض الجوائر، ولا بأس -أيضاً- بأن يُطبع من نسخ القرآن كذا وكذا.
هذا الذي أوهموا الناس أنه يكفي فيما يتعلق بالقرآن والحكم والسلطان في بلاد المسلمين، إلا ما رحم الله.
ولذلك هذه الصورة لاشك أنها أبعدت الأمة عن القرآن بصورة تظهر فيها أمثلة عجيبة جداً، وعندما يتأمل الإنسان وينظر يرى حملة شهادات الدكتوراة وأصحاب مناصب عالية ورفيعة لا يحسن أحدهم قراءة الفاتحة! ولقد لقيت مرة في ملتقىً عدداً من الشباب من بلاد عربية مختلفة، فرأيت طلبة الطب والهندسة وهم أجسام طويلة وعريضة، وأصحاب ألسنة منطلقة، وأصحاب عقول وأفكار، ولكن والله لقد كان الواحد منهم لا يحسن قراءة غير ثلاث سور: ((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)) و ((قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ)) و ((قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)) وأما غير ذلك فلا يحسن، وكانوا كما أشرت على هذه الصورة!