Q أشكو من مشكلة التعلق ببعض الصور في ذهني، حيث تعاودني أحياناً وتسبب لي مفاسد كثيرة، فما هو الحل؟
صلى الله عليه وسلم الذاكرة التصويرية هي إحدى المعجزات الربانية عند الإنسان، فنحن قد نلتقي فيرى بعضنا بعضاً، ثم نفترق، لكن في ذهني أستطيع أن أتصور الصورة، وأتخيل المجلس ومن فيه وكيف كان، ومن كان متبسماً، ومن كان متكئاً، ومن كان ناعساً إلى آخره، فهذه القدرة تجعل الإنسان يستعيد الصور، فإذا رأى صوراً محرمة أو مثيرة تكون إثارتها في وقتها، لكنه لا يسلم بعد ذلك من شرها.
لذلك قال ابن القيم رحمه الله تعالى مقالة نفيسة طويلة أشير إليها إشارة، قال فيها: دافع الخطرة.
أي: الخاطر الذي يمر ادفعه مبكراً ولا تجعله يأتي؛ لأنه بعد أن يدخل سيصعب إخراجه.
قال: دافع الخطرة، فإن لم تفعل صارت فكرة -أي أنها كانت في الخارج فجاءت إلى الداخل- فدافعها، فإن لم تفعل صارت شهوة، فحاربها، فإن لم تفعل صارت همة وعزيمة، فقاومها، فإن لم تفعل وقعت في المحذور، فتداركه بالتوبة وبضده، فإن لم تفعل تعودت عليه، وصعب عليك الانتقال منه.
ثم -أيضاً- مثل في مقالة أخرى بمثل، وهو الحب والرحى، أي: الرحى التي تطحن الحب، يقول: إن جئت في هذه الرحى بتبن وبعر فطحنته فسيكون هذا هو الناتج.
فإذا أدخلت أفكاراً سيئة وصوراً رديئة وطحنتها في فكرك فسيتبلور هذا الفكر إلى مسارات عملية محددة من جنس تلك الأفكار، فمن فكر في الجهاد ومن فكر في الدعوة ومن شغل باله العلم طحنت هذه الأمور طحناً، فجاءت حباً نظيفاً مغربلاً يستفيد منه الإنسان.