ونعلم موقفه الشهير في صلح الحديبية، فبعد أن قُضيت وانتهت بدر وأحد والخندق، وبعد أن أعز الله المسلمين، وجاءوا إلى بيت الله معتمرين، ثم صدوا عنه من قبل المشركين، وجاء بالمفاوضة، وأراد النبي صلى الله عليه وسلم الرجوع والقبول بالصلح، جاء عمر وقد تحركت غيرته الإيمانية، وحميته الإسلامية فقال: (يا رسول الله! ألسنا على الحق؟ قال: بلى، قال: أليسوا على الباطل؟ قال: بلى، قال فعلامَ نعطي الدنية في ديننا؟)، إنها كلمة ما زال عمر يشقها في آذان المسلمين إلى اليوم، هذا هو ظاهر الموقف، أما النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فقد كان مسدداً بالوحي، فقال: (إني رسول الله؛ وإنه لن يضيعني أبداً)، لكن عمر هكذا كان لا يحب أن يرى موقفاً فيه إهانة للإسلام، أو إذلال للمسلمين بأي حال من الأحوال، وهكذا كان عمر في مواجهة الكافرين.
وأيضاً فإن قوته كما ظهرت في نصرة المسلمين، وفي إعزاز الدين، فقد ظهرت في مواجهة الكافرين، فكان في قلبه وفي نفسه شدة وغلظة عليهم، هدفها هو: إعلاء راية الله عز وجل، وإخضاع كل قوي وجبار ومتكبر لنهج الله ولشرع الله ولهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.