في يوم هجرته يروي علي رضي الله عنه فيقول: ما هاجر أحد من المهاجرين إلا مستخفياً إلا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فإنه لما أزمع الهجرة توشح سيفه، وتنكب قوسه، وأخذ أسهمه بيده، ثم أتى البيت فطاف متمكناً، ثم صلى خلف المقام، ثم مر على حلق قريش حلقة حلقة وهو يقول: شاهت الوجوه، والله لا يغضب الله إلا هذه المعاصي، ثم نادى فيهم بقوة: من أراد أن تثكله أمه، من أراد أن ييتم ولده، من أراد أن يرمل زوجه فليلحق بي إلى بطن هذا الوادي! فهل لحق به أحد من المشركين؟ لم يجرؤ أحد منهم -وفيهم من فيهم من الصناديد والعظماء- أن يفكر في مجرد اللحاق بـ عمر رضي الله عنه، لقد أذلهم بهذه المقالات الإيمانية وبهذا الاستعلاء الإيماني وهو يطوف بهم في مجالسهم، ويسفههم بلسانه، ويتحداهم بفعله؛ حتى يظهر عزة الإيمان وعزة الإسلام.