ولذلك لا بد أن نوجه هذا الحديث إليكم معاشر الرجال، وإلى النساء من قبلكم إلى هذه المرأة التي نريد منها أن تكون أماً مربية، نقول: أولاً: استشعار الأهمية: لا بد أن تستشعر المرأة المسلمة أهمية دورها في التربية، وعظمة رسالتها في التنشئة، وأن تدرك أن هذا أمر مهم، وأن تحمل همه لا أن تحمل هماً في ماذا تلبس من الملابس، وماذا تتزين من الزينة فحسب، هذه مهمات ثانوية للأسف أنها بدأت تكون هي التي تشغل الاهتمام والتفكير، وهي التي لأجلها توفر الأموال، وتبذل الأوقات دون أن يكون حمل الهم في القضية المهمة الأساسية.
ثانياً: معرفة القيمة الحقيقية لهذه المهمة العظيمة: اليوم عندنا مشكلة وهي: أنه إذا قالت المرأة إنها ربة بيت كأنها تستحي بذلك، وتغض طرفها كأنها في منزلة دونية، وفي مرتبة سفلية، لماذا؟ لأنها ليست موظفة، وليست مدرسة، وكأن هذه المهمة مهمة تافهة، وكأن وجودها في البيت يعطل نصف المجتمع، كأن المرأة في بيتها لا تعمل شيئاً، ولا تؤدي دوراً، وليس لها قيمة، ولا لفعلها ولا لدورها مكانة، فهذه قضية خطيرة يبثها اليوم عن قصد أو غير قصد الإعلام، وتشيعها كذلك البيئة الاجتماعية، حتى غدت المرأة اليوم ترى أن دورها في التربية دوراً ثانوياً ينبغي أن تحرص على تركه، أو على أن تجمع معه شيئاً آخر ليجعل لها مكانة، وهذه قضية مهمة وخطيرة.
لا بد أن تعرف المرأة أن مكانة الأم المربية هي المكانة السامية، وهي مكانة صمام الأمان الذي يحول بين أعداء الأمة وبين أجيالها، وهي لذلك في أسمى مكانة وفي أخطر موقع من مواقع المواجهة مع أعداء الله عز وجل، وفي أخطر موقع من مواقع البناء، وصناعة الأجيال، ومواجهة المستقبل بإذن الله سبحانه وتعالى.
ثالثاً: تحصيل العلوم الشرعية: لا بد للمرأة أن تحرص على أن تتعلم من الأحكام الشرعية، ومن القرآن والسنة والسيرة ما يكون نفعاً لها، وغذاءً لأبنائها، اليوم نحتاج من الأم أن تربي صغارها على قصص الصحابة والتابعين، وأجيال الأمة من الصالحين والصالحات، اليوم نريد من الأم أن تحفظ أبناءها الصغار قبل أن يذهبوا إلى المساجد والمدارس آيات من القرآن، وأذكاراً يقولونها في سائر جوانب حياتهم، عند منامهم واستيقاظهم، ودخولهم وخروجهم إلى غير ذلك، كيف سيكون ذلك والأم جاهلة أمية لا تعرف القراءة والكتابة، ولم تعلم شيئاً من أمور دينها؟! إن تعليم المرأة كما رأينا في حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وحسن تأديبها يعطى الأجر مرتين؛ لأن في حسن التأديب أجراً خاصاً فعلى كل رجل وأب أن يتيح الفرصة لبناته ولزوجته أن يتعلمن؛ لأن ذلك سيكون له أثره.
ثم كذلك معرفة المتطلبات التربوية، فلا يكفي أن تتعلم العلوم الشرعية، بل تربطها بالعلوم التربوية الإسلامية لتعرف التنشئة ومشكلاتها، والتربية ووسائلها وغير ذلك مما له أثر محمود ومعروف.
ثم كذلك ممارسة الدعوة الإسلامية في صفوف النساء لمعرفة هذه الحقائق كلها، فنسأل الله عز وجل أن يجعل نساءنا زوجات صالحات، وأمهات مربيات، وبنات حانيات، ونسأله أن يحفظ أسرنا وذرياتنا من كل سوء ومكروه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.