ثم الالتفات إليكم معاشر المؤمنين بالخطاب الرباني بآيات الله عز وجل، وكلامه سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم:6] إن المسئولية ليست منوطة بك وحدك، ولست مسئولاً عن نفسك فحسب، بل إن الأهل من الزوجة والذرية أبناء وبنات لهم حق عليك، وأمانة في عنقك، والأمر في هذا عام، والنداء لأهل الإيمان للرجال والنساء والآباء والأمهات معاً، كلهم يجب عليهم أن يعملوا وأن يؤدوا الواجبات، وأن يحرصوا في تربية أبنائهم على ما يقيهم من الوقوع في سخط الله عز وجل، واستحقاق عذابه، نسأل الله عز وجل السلامة، فهل استشعر كل مؤمن ومؤمنة، ومسلم ومسلمة، وأب وأم هذه المسئولية؟! واستمعوا إلى عباد الرحمن الذين ذكر الله صفاتهم على أنهم قدوة لنا ومثال يحتذى ماذا كان في قولهم: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان:74] قال ابن جرير في تفسيره: أي يعبدونك، ويحسنون عبادتك، ولا يجرون علينا الجرائر.
كيف يكون الأبناء قرة أعين إذا لم تعلمهم القرآن؟ كيف تكون البنات قرة أعين إذا لم نلقنهن السنة؟ كيف تكون الذرية صالحة بارة وفية تقدم الخير للآباء والأمهات ما لم تسلك بها سبيل الصالحين والصالحات؟! إننا اليوم نشكو ونعلم أن هذه الشكوى تتعاظم من عقوق الأبناء أو انحرافهم، ونقول كما قال العرب: يداك أوكتا، وفوك نفخ، إن مرد ذلك في غالب الأحوال إليك أيها الأب، إليك أيتها الأم حيث لم تحرصوا على التربية، ولم تنشئوا التنشئة الصالحة، ولم تعلموا القرآن والسنة، ولم تحدثوا بالسيرة وتراجم الأصحاب، ولم تبثوا روح العزة، لما لم تحرصوا على أن يخرج من تحت أيديكم من هو خير منكم، وأكثر علماً وفضلاً، وأعظم إلى الخير سبقاً، ثم تشكون من بعد وأنتم ما بذلتم جهداً، ولا أعطيتم وقتاً، ولا حرصتم على تربية، ولا قدمتم علماً، ولا بذلتم توجيهاً وإرشاداً، مسألة مهمة والدعاء موصول بالله عز وجل، ولكن العمل مطلوب: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان:74].