قد لا يكون الطعن صريحاً كما قد يفعله بعض من أشرت إليهم وذكرت وصفهم، لكن بعض الناس يستخدم أسلوباً في نظري هو أخبث وأكثر شراً وضرراً؛ إذ إنه يستخدم أساليب وكلمات تحتمل الوجهين، لكنه يعلم أن السامع له لا يدرك من هذه الكلمات إلا المعاني الذميمة، فهو يقول: فلان في عقيدته نظر، لم يقل: هو كافر ولا مبتدع ولا معتدل ولا غير ذلك، أو يقول: فلان عنده بعض التميع.
ولك أن تفهم هذه الكلمة المائعة، وقد يصل إلى تميع يستبدل فيه الحق بالباطل والاعتقاد الصحيح بالاعتقاد الزائغ، ويستخدم أساليب من هذا النوع، كأن يقول: فلان لا أطمئن له، أو لا أرى أن ينتفع أو أن يكون في موضع الانتفاع منه.
أو نحو هذه الكلمات التي ليست بالطعن الصريح، لكنها في الوقت نفسه تقع موقعاً من السوء، ويقع بسببها من الضر وانتشار الخطر ما لا يعلمه إلا الله عز وجل، سيما إن صدرت ممن يكون مسموع الكلمة أو مقدماً عند السامعين له أو السائلين له، وهذه -وللأسف- أيضاً صورة منتشرة، بل قد تكون أحياناً منتشرة في كلام مسموع منتشر على أشرطة، أو حتى في كلام يروج بين المجالس؛ إذ إن صاحبها قد يلجأ إلى الأمر الذي ذكرته في خصائص اللسان، وهو أنه خفي المنال، فإذا واجهته بهذا الكلام قال: لم أقصد بالتميع تميعاً في العقيدة، وإنما أقصد به كذا وكذا وكذا.
يأتي بكلام آخر، ولم أقصد بقولي: فيه نظر إلا أنه موضع التأمل والتدبر.
وهكذا يمكن أن يخرج من هنا وأن يدخل من هناك، أو أن يدخل من هنا ويخرج من هناك.