إن الداعية المقطوع الصلة بالله لا يفلح ويحرم التوفيق والتسديد؛ لأن مشكلات الناس ومعاناة الدعوة أمر لا يمكن النجاح فيه بمجرد العلم ولا بالخبرة والتجربة، بل أكثر أسباب النجاح مخبوءة في التوفيق الإلهي, وحسبنا قول الله سبحانه وتعالى في قصة عيسى عليه السلام: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي} [المائدة:111] فلم يؤمنوا بحجة عيسى ولا بفصاحته وبيانه وبرهانه فحسب، بل كان الأساس هو أن الله سبحانه وتعالى قذف في قلوبهم حب الخير واستقبال الهداية، كما قال الله عز وجل: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص:56] فمن أراد أن يرزق القبول عند الناس، وأن يلهم الصواب فيما يقول وفيما يعمل، وأن يسدد إلى التوفيق في الأمور ووضعها في مواضعها فإنه لابد من أن يكون موصولاً بالله عز وجل بالليل والنهار، بالذكر والدعاء، وبالصلاة والعبادة، ويعلم أن كل أمر لا يمكن أن يكون له نجاح إلا من خلال هذا التوفيق الإلهي الذي مصدره الصلة الدائمة الحسنة الصحيحة بالله سبحانه وتعالى.