ومن أمور التوبة ونجاحها الحسم دون تردد، وترك التسويف: لعل وعسى وسوف وغداً وبعد غد، فهذه يجب تركها، فإن الذي يمرض لو قيل له: إن عندك بدايات للسل أو السرطان فقال: غداً أراجع، غداً أجري التحليلات، بعد شهر آخذ أشعة، فإن المرض يكون قد استشرى وتمكن، لكن يجب على مثل هذا المريض أن يذهب مباشرة إلى الطبيب ويطلب الحسم، ولو كان الحسم ببتر عضو فإن سلامة بقية الأعضاء أولى من ترك هذا العضو يفسدها، ولذلك لا يسوفن أحد في مسألة ترك المعصية.
فأول خطوة بعد الندم الإقلاع عن المعصية، وهذا الإقلاع لابد منه بكل صوره: بتحطيم أصنامها وشخوصها، وبالانتقال عن بيئتها، وبالبعد عن تذكرها، وبفطم القلب بالخوف من الآخرة عن ورودها على القلب مرة أخرى على سبيل اللذة والشهوة والمحبة، ولذلك لابد من الحسم في هذا حتى لا يتمكن الشيطان مرة أخرى من تمكين الغفلة ونسيان التذكر والبعد عن التوبة، ولابد أن يستشعر الإنسان هذا.