إن الخشوع جوهر هذه الصلاة التي يحصل بها حقيقتها وجوهرها، كما روى أبو داود في سننه بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (خمس صلوات افترضهن الله تعالى، من أحسن وضوءهن وصلاهن في وقتهن وأتم ركوعهن وخشوعهن كان له على الله أن يغفر له، ومن لم يفعل فليس له على الله عهد؛ إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه).
وفي حديث عند البخاري وغيره جدير بأن نطبقه، وأن نبحث عن الخلل الكبير الذي سنكتشفه عند تطبيقه، يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام: (من توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى ركعتين يقبل عليهما بقلبه ووجهه -وفي رواية: لا يحدث فيهما نفسه- غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر)، إنهما ركعتان جرب صلهما وحاول ألا يكون فيهما خاطر ولا فكر ولا انشغال بغير الصلاة وما فيها مع استحضار عظمة من تناجيه بها؛ فقد كان صلى الله عليه وسلم يصلي ويسمع لصوته أزيز كأزيز المرجل من خشوعه وبكائه صلى الله عليه وسلم.
وأبو بكر لما أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤم الناس قالت عائشة: (يا رسول الله! إن أبا بكر رجل أسيف إذا صلى بكى، فبكى الناس لبكائه).
وروى ابن عباس رضي الله عنهما: (أن الفاروق رضي الله عنه بكى في صلاة الفجر حتى سمع بكاؤه من وراء الصفوف).
وهكذا سنجد الأمثلة كثيرة، فكم نحن في حاجة إلى إحياء الإيمان؛ لتحيا قلوبنا، ونخشع في صلاتنا؟ وكم هي الأمور كثيرة؟ وكم هي حاجتنا إلى هذا النداء عظيمة؟ فهيا بنا نؤمن، وهيا بنا نجدد إيماننا، وهيا بنا نتواصى بقول الله عز وجل: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر:1 - 3].
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يردنا إلى دينه رداً جميلاً، وأن يأخذ بنواصينا إلى طريق الحق والسداد، وأن يلهمنا الرشد والصواب، اللهم اهدنا واهد بنا، واجعلنا هداة مهديين.
اللهم تول أمرنا، وارحم ضعفنا، واجبر كسرنا، واغفر ذنبنا، وأقل عثراتنا، وامح سيئاتنا، وضاعف حسناتنا، وارفع درجاتنا، وبلغنا اللهم فيما يرضيك آمالنا.
اللهم عظم إيماننا، ورسخ يقيننا، واملأ قلوبنا بحبك، وأنطق ألسنتنا بذكرك، واشغل جوارحنا بطاعتك، واستخدمنا في نصرة دينك، واجعلنا اللهم ستاراً لقدرك في نصر الإسلام والمسلمين.
اللهم فرج عن إخواننا المسلمين في أرض العراق وفي أرض فلسطين وفي كل مكان يا رب العالمين! اللهم احفظ المسجد الأقصى من عدوان المعتدين، اللهم نجه وسلمه من اليهود المجرمين المعتدين.
اللهم هيئ لإخواننا في أرض الإسراء من أمرهم رشداً، اللهم اربط على قلوبهم، وثبت أقدامهم، واجعلهم للحق ناصرين برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم إنا نسألك أن تبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر يا سميع الدعاء! اللهم مكن لأهل الخير والرشاد، واقمع أهل الزيغ والفساد، وارفع في الأمة علم الجهاد، وانشر رحمتك على العباد، برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاك وأنت راضٍ عنا.
اللهم انصر عبادك وجندك المجاهدين في كل مكان يا رب العالمين! وحد اللهم كلمتهم، وسدد رميتهم، وقو شوكتهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم يا رب العالمين! اللهم اجعل لنا ولهم من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل فتنة عصمة، ومن كل بلاء عافية يا سميع الدعاء! اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاءً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم احفظ بلاد الحرمين من كل سوء ومكروه.
اللهم أدم عليها أمنها وإيمانها، وسلمها وإسلامها، ورغد عيشها، وسعة رزقها برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم رد كيد الكائدين، وادفع شرور المعتدين عن بلاد الإسلام والمسلمين.
اللهم احفظ دماء المسلمين، واحفظ اللهم أعراضهم، اللهم واحقن دماءهم، واصرف عنهم الشر والبلاء والأذى وكيد الأعداء يا رب العالمين! اللهم أقر أعيننا بنصر الإسلام والمسلمين عاجلاً غير آجل يا رب العالمين! اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين! اللهم وفق ولي أمرنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، وارزقه بطانة صالحة تدله على الخير وتحثه عليه يا سميع الدعاء! عباد الله! صلوا وسلموا على رسول الله؛ استجابة لأمر الله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:56]، وترضوا على الصحابة الكرام، وخصوا منهم بالذكر ذوي القدر العلي والمقام الجلي وهم: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وعلى سائر الصحابة والتابعين، اللهم صلِّ وسلم وبارك وأنعم على نبيك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
والحمد لله رب العالمين.