وجوب التكاتف مع إخواننا المسلمين في فلسطين

ومن جهة أخرى ننظر إلى هذا المعنى في حدث أيضاً مهم، أحسب أن كثيراً من الناس لم يلتفت إليه، ولم يسترع انتباهه، من دواعي هذه الأخوة الإيمانية ومن أثار الإيمان ودلائله: أن نهتم بأمر كل مسلم في شرق الأرض وغربها، وأن ندعو له، وأن نتذكر حاله، وأن نستشعر كربه، وأن نمده ونعينه بما نستطيع، فهل لا يوجد في أهل الإسلام من يحل به كرب أو يحيط به خطب أو يقع عليه اعتداء؟ إن ذلك يقع لا أقول: في كل يوم بل في كل لحظة وساعة، فأين نحن من حبال الود الإيمانية والرابطة الإسلامية ولو استشعاراً بالقلوب وتأثراً في النفوس؟ إن النبي صلى الله عليه وسلم يوم رأى قوماً من مضر دخلوا المسجد وعليهم علائم الفقر وثيابهم مرقعة تمعر وجهه صلى الله عليه وسلم -أي: تغير حزناً على حالهم وتأثراً بمنظرهم- ثم دعا الناس لعونهم ولإغاثتهم، فتجمع كومان من ثياب وطعام، فتهلل وجهه صلى الله عليه وسلم كأنه مذهبة من شدة فرحه بهذا المنظر الذي فيه التكافل والتكامل والتعاضد الذي جسد قلوباً مؤمنة حية وأخوة صادقة عملية، فأين نحن اليوم من هذا؟ وأين نحن من أحوال إخواننا المسلمين في أرض فلسطين؟ وإن الحدث الجلل تقترب ساعته وتتوالى أحداثه، إنه حدث وخطب جلل من اعتداء قريب على المسجد الأقصى تنادى إليه من يسمونهم هم بأنفسهم المتطرفين من اليهود عليهم لعائن الله، فإنهم يتجمعون في يوم الأحد بعد غد ليقتحموا المسجد الأقصى وساحاته، ويتنادى أهل فلسطين في أرض القدس وفي الأراضي التي يستطيعون فيها الوصول إلى المسجد الأقصى لكي يكونوا فيه هناك على مدى أيام ثلاثة ليلاً ونهاراً؛ ليذودوا عنه، أفلا يستحقون أن نتذكرهم، وأن نتذكر مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن نغتم لذلك ونحزن، كما أبى صلاح الدين رحمه الله أن يتبسم والمسجد الأقصى في قبضة النصارى في عهده؟ ألا يستحق ذلك منا أن نتابع وأن نهتم وأن نعرف أن القضية خطيرة؟ لأن إخواننا في أرض فلسطين ممنوعون من دخول المسجد الأقصى منذ أربع سنوات، فمنذ انطلاق انتفاضة الأقصى أهل غزة وأهل الضفة لا يستطيعون الوصول إلى المسجد والصلاة فيه، أليس هذا هو مقتضى الإيمان؟ فليس الإيمان كلمات تقال فحسب، وليس هو مجرد صلاة وصيام وأذكار وتلاوات فحسب، بل هو هذه الروح الإيمانية التي تتجاوز الحدود، وتتجاوز الأعراف والقوانين الدولية؛ لتكرس الأخوة الإيمانية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015