ضاع مسلمو البوسنة بين التواطؤ والتباطؤ

لقد كشفت الحقائق -وهذه القضية على وجه الخصوص- أوروبا السوداء بحقيقة عنصريتها، وعدائها الدائم، وحقدها الأسود ضد الإسلام والمسلمين، كما كشفت أن دعاوى حقوق الإنسان دعاوى كاذبة لا ترتبط إلا بالمصالح، وأن الموازين الدولية ومجلس الأمن والأمم المتحدة إنما تخضع للقوى التي تسيرها وفق مصالحها، وليس وفق المبادئ ولا القوانين حتى وإن كانت وضعية، وهذا شاهد حال واضح.

ولئن كان موقف الغرب مقبولاً ومفسراً عند الإنسان المسلم الذي يعرف حقيقة الإيمان والولاء والبراء، فكيف يفهم المسلم البسيط في شرق الأرض الإسلامية وغربها مواقف الدول الإسلامية؟ إنه يقول بلسان بسيط ولكنه فصيح، وبلغة بدائية ولكنها قوية: ضاع مسلمو البوسنة بين التواطؤ والتباطؤ، بين تواطؤ الغرب وتباطؤ المسلمين! لك أن تسأل وأن تتعجب: إن كان هذا موقف تلك الدول فلا شأن لنا بها ولا نتوقع منها إلا مثل هذا، فأين الدول الإسلامية التي تزيد على الخمسين؟ وأين قواها المادية والمعنوية؟ وأين ضغوطها السياسية؟ إن المسلم اليوم يشعر أن كثيراً من مقدرات المسلمين ليست في أيديهم، وإنما في أيدي من يتسمون بأسماء إسلامية، وينطقون بلغة عربية، ويعلنون شعارات إسلامية، ولكنهم في حقيقة الأمر هم أنفسهم حرب على الإسلام والمسلمين.

وإنك تجد كثيراً من الدول قد شغلت عن هذه المأساة والمعركة بمعارك أخرى، فنحن نسمع عن دول أنها مشغولة بمعركة الحجاب، وأخرى تشغلها معركة الإرهاب، وثالثة تخوض معركة حاسمة في إرساء الديمقراطية، ورابعة تشتد همتها في المعركة الشرسة ضد الفتنة الطائفية، ولك أن تسمع معارك أخرى كمعركة السلام، ومعركة الكلام، ومعركة الإعلام، معارك وهمية لو كشفت عنها فإنك تجد أنها تدور رحاها على الإسلام والمسلمين إلا ما رحم الله عز وجل، ويصرخ المسلمون وينادون بكل صوتهم وبكل صراخهم، دون أن يجدوا حتى من إخوانهم من يلبي التلبية الصادقة المؤثرة في الواقع، التي تجعلهم يشعرون شعوراً قوياً بأنه يمكنهم أن يواصلوا ثباتهم وصمودهم، بل أن يبدءوا في جهادهم وهجومهم، ولذلك قد أصبحت هذه الصور واضحة ناصعة، لا تحتاج إلى إغفال ولا إلى إيهام.

صاح صائح المسلمين -وأرجو أن يكون الصائح كل مسلم في كل مكان- ليكشف الحقيقة التي غابت عنه دهراً طويلاً ويقول: يا ساسة القمع الرهيب تفننوا بالقتل والتعذيب والإعسار واستخدموا الإعلام في ترويجكم للفسق والتضليل والإسكار إني صحوت فلملموا أشياءكم الله أكبر منهجي وشعاري هاتوا معاول هدمكم ودماركم واستجمعوا طاقاتكم لحصاري اسفك دمي اقتل فلست بمسجد لك جبهتي اقتل فلست براجع تياري اسفك دمي تأتيك آخر قطرة برسول جيش قادم جرار فالله نسأل أن يحفظ إخواننا المسلمين، وأن يدرأ عنهم كيد الكائدين، وأن يرزقهم الصبر والرضا واليقين، إنه ولي ذلك والقادر عليه، أقول هذا القول وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015